تفسير قوله تعالى: (ولهم فيها منافع ومشارب)
قال تعالى: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ﴾ [يس: ٧٣].
فينتفعون بأوبارها وشعورها، ويصنعون بذلك الألبسة والفرش والخيام وما هم في حاجة إليه، فقوله تعالى: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ﴾ [يس: ٧٣] جمع منفعة، (ومشارب) جمع مشرب، فنحن نشرب من ألبانها، وننتفع بشعورها وأوبارها، وننتفع بها ركوباً بين البراري والقفار.
يقول تعالى: ﴿وَلَهُمْ فِيهَا مَنَافِعُ وَمَشَارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ﴾ [يس: ٧٣].
أي: أفلا يشكرون الله على هذه النعم المتواترة المستفيضة؟! فلولاها لما رحل الإنسان ولما استقر إلا بعذاب.
وقد قال عليه الصلاة والسلام: (السفر قطعة من العذاب)، فالسفر هو العذاب نفسه، وقد يظن ظان اليوم أن السفر على الطائرات والبواخر وعلى السيارات غير عذاب، وذلك ظن في غير محله، فنحن نركب البواخر، وعندما تأخذ الباخرة في السير فتتلاعب بها الرياح وتتلاعب بها العواصف يشعر الإنسان بأنه ميت، ولا منقذ له إلا الله تعالى، فترى البحر كما وصفه عمرو بن العاص، حيث قال: داخله مفقود، والخارج منه مولود، والفلك في البحر دود على عود.
بل السيارات كذلك، فنحن نرى ما يحصل فيها من حوادث، فهل هناك عذاب أكبر من الخوف ومن الغرق ومن السقوط والحوادث؟! وجواب قوله ربنا: ﴿أَفَلا يَشْكُرُونَ﴾ [يس: ٧٣] أن نقول: بلى -يا ربنا- نشكرك بكل حواسنا وخلايا جسومنا، فلك الحمد وحدك، فأنت المتفضل، لا نحصي ثناءً عليك، أنت كما أثنيت نفسك.