تفسير قوله تعالى: (قالوا ربنا من قدم لنا هذا فزده عذاباً)
ثم يعود الأتباع ويقولون لربهم: ﴿قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هَذَا فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ﴾ [ص: ٦١].
سيدعو الأتباع ربهم على الأئمة والأشياخ، ويقولون: بما أن هؤلاء الذين دعوا للكفر بك، وبأنبيائك وبكتبك، وكانوا متسببين في تقديم هذه النار إلينا، زدهم عذاباً في النار مضاعفاً عليهم، يقول الله تعالى: ﴿لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨]، أي: للأئمة المأمومين وللأتباع والتابعين عذاب مضاعف؛ لأن هؤلاء الأتباع عندما دعوا للكفر أين كانت عقولهم؟ فقد تركوا رسل الله الذين دعوهم لإيمانهم، فلم يستجيبوا لهم، وتركوا الرسول ﷺ الذي دعاهم للإيمان بالله وبه، فلم يستجيبوا له، واستجابوا لأهوائهم ونزواتهم، وهكذا يدعى على كل طاغية بالذل والهوان، وعندما لا نحمل الشعوب جرائم حكامهم، نكون قد خالفنا طريقة كتاب الله، فالله عامل الأتباع والأئمة معاملة واحدة؛ لأن أئمة النار كانوا أئمة على شعوبهم، فصاروا رؤساء وحكاماً ومسئولين.
وأتباعهم لو لم يرأسوهم ويتعصبوا لهم ويحموهم لما كانوا أذلاء حقراء بعيدين عن الله دنيا وآخرة، وقوله: ﴿وَلَكِنْ لا تَعْلَمُونَ﴾ [الأعراف: ٣٨] أي: لا عقل عندهم، ولا علم معهم، ولا فهم لمداركهم، فالإمام والمأموم أو التابع والمتبوع كلاهما مؤاخذان ومعاقبان؛ لأن الله خلق لنا عقولاً لنفهم بها ولنعي بها فليس العاقل يتبع كل ناعق وكل نافر، فالإنسان يفكر ويتدبر هل هذا كلام عقلي وكلام صواب يتبع؟ ولكنهم لهوانهم وذلتهم سعوا إليهم في الدنيا والآخرة.
وقوله: ﴿فَزِدْهُ عَذَابًا ضِعْفًا فِي النَّارِ﴾ [ص: ٦١]، أي: زده من العذاب أضعافاً وأنواعاً وأشكالاً.