تفسير قوله تعالى: (إنها شجرة تخرج في أصل الجحيم)
قال تعالى: ﴿إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ [الصافات: ٦٤ - ٦٥].
الطلع: هو الثمرة التي تطلع من الشجرة: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ [الصافات: ٦٥].
وقد فسرت هذه الآية بعدة تفاسير منها: أن العرب تطلق لفظ الشيطان على ما تستبشعه، وتطلق لفظ الملك على الشيء المستحسن كما قالت النسوة لما رأين يوسف وقد أدخلته زليخة عليهن: ﴿فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ وَقَطَّعْنَ أَيْدِيَهُنَّ وَقُلْنَ حَاشَ لِلَّهِ مَا هَذَا بَشَرًا إِنْ هَذَا إِلَّا مَلَكٌ كَرِيمٌ﴾ [يوسف: ٣١].
ولا يعنين أنه ملك نزل من السماء، ولكن جماله وهيئته لا يوجدان إلا عند الملائكة، وهو أسلوب عربي موجود إلا الآن.
قال تعالى: ﴿طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ﴾ [الصافات: ٦٥]، ولك أن تتصور الشيطان في أبشع صورة في ذهنك، بشع الوجه والمنظر ذو شعور سائبة كشعور هؤلاء الذين ابتلينا بهم في عصرنا الحاضر.
يذكرون عن الجاحظ أنه كان مشوه الوجه، بشع الأطراف، على علمه وأدبه وكتابته وكثرة مؤلفاته، جاءت امرأة ذات مرة إلى الصائغ وقالت له: أريد أن أشتري خاتماً فيه صورة شيطان، فقال لها: كيف ذلك وأنت لا تعرفين صورة الشيطان؟! فقالت: سآتيك بصورته، فذهبت وهي تعرف الجاحظ فطافت في الشوارع فوجدته فقالت له: أرجو أن تذهب معي إلى الصائغ، فقال: لم؟ قالت: تذهب معي ولا أكلفك أكثر من هذا، وقد كان يقول: ضحكت علي النساء مرتين وذكر هذه منها، فجاءت بـ الجاحظ من مكان بعيد، وقالت للصائغ: كهذا الوجه، أي: أن صورة الشيطان تنطبق على صورة الجاحظ، وليس الجاحظ بشيطان وإن كان قد اتهم بالكفر، ولم أر هذا في كتبه التي قرأتها، ولا يستبعد ذلك فقد ذكروا عنه أشياء كثيرة.
وقالوا أيضاً: هي شجرة في جزيرة العرب يقال لها: الزقوم، ويقال لثمرتها: رءوس الشياطين.
وأغلب الظن أنه أسلوب عربي استخدمته العرب لتدلل على بشاعة المنظر والصورة.