تفسير قوله تعالى: (وباركنا عليه وعلى إسحاق)
قال تعالى: ﴿وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ وَعَلَى إِسْحَاقَ وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ﴾ [الصافات: ١١٣].
أي: بارك على إبراهيم فجعل جميع الأنبياء بعده من سلالته، وبارك في إسحاق بأن جعل بني إسرائيل من بني إسحاق، ويعقوب هو إسرائيل، وقيل: بل هو إسحاق، كذلك قال ابن مسعود، وهذا مفروغ منه.
وكلهم ينتسبون إلى إبراهيم، ففي الأحاديث الصحيحة المتواترة: أن النبي ﷺ نسب نفسه على المنبر فقال: أنا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب إلى أن رفع نسبه إلى عدنان، ثم قال فيما بعد عدنان: (كذب النسابون)، وقد ذكر نسب عدنان إلى إبراهيم إلى نوح إلى آدم، ولكن النبي لم يصدقهم، ولكن عاد فقال: (وعدنان هو من ذرية إسماعيل بن إبراهيم، فأنا ابن إسماعيل بن إبراهيم) ولذلك لما أسري به في السماء ليلة المعراج، رأى جده إبراهيم فالنبي ناداه: يا أبت! وإبراهيم قال للنبي: يا بني! وهذا أيضاً من الأحاديث المتواترة الصحيحة، وهذا ليس موضع نزاع.
قوله: (وَبَارَكْنَا عَلَيْهِ) على إبراهيم، والبركة: النماء والزيادة، فكان من النماء والزيادة أن إبراهيم كان نبياً رسولاً خليلاً، وكان أحد ولديه نبياً رسولاً، والثاني كان نبياً، ومن سلالتهما كان أنبياء الله جميعاً، أنبياء بني إسرائيل، وسيد الأنبياء رسولنا ونبينا عليه الصلاة والسلام.
(وَعَلَى إِسْحَاقَ) وكذلك إسحاق، فالنماء والبركة في سلالته ذلك.
(وَمِنْ ذُرِّيَّتِهِمَا) ذرية إسحاق منه إلى عيسى عليه السلام، وذرية إبراهيم إلى إسماعيل، وإلى إسحاق وذريتهما إلى نبينا عليه الصلاة والسلام.
قال ربنا: (مُحْسِنٌ وَظَالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ) أي: سيكون في سلالة هؤلاء أولاد، لكن منهم محسن، أي: موحد ومؤمن، ومنهم ظالم لنفسه أي: مشرك ظاهر الكفر، فنعوذ بالله من الخذلان، أي: فكما يكون هذا في بني إسرائيل فهو أيضاً في العرب، ولقد أرسل نبينا عليه الصلاة والسلام بجزيرة العرب ثم للعالم كله، وكانوا وثنيين، وكان العالم كذلك، وأهل الكتاب كانوا قد بدلوا وغيروا، وانحرفوا كذلك إلى الكفر والشرك.


الصفحة التالية
Icon