تفسير قوله تعالى: (وإن لوطاً لمن المرسلين)
قال تعالى: ﴿وَإِنَّ لُوطًا لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ﴾ [الصافات: ١٣٣ - ١٣٤].
أي: أهله وأتباعه من المؤمنين الذين آمنوا به، وأما امرأته فهي التي استثنى الله في قوله: ﴿إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الصافات: ١٣٥] أي: فيمن غبر ممن هلك من قومه، وممن لم يؤمن به من عشيرته ممن حق عليه كلمة العذاب.
وعندما أرسل الله جبريل حمل الأرض بما عليها فصعد بها إلى أن سمع أصوات نهيق الحمر ونباح الكلاب في السماء الأولى، ثم جعل عاليها سافلها فتدهدهت، ثم أرسل عليهم حجارة من سجين، فلم يبق فيها حي يتحرك، ولا نفس يتردد؛ ولذلك يمتن الله عليه وعلى عباده المؤمنين، لما أنقذهم من ذلك العذاب فقال تعالى: ((إِذْ نَجَّيْنَاهُ وَأَهْلَهُ أَجْمَعِينَ)) أي: جميع من آمن به، وجميع أهله الذين أطاعوه وآمنوا به كذلك.
قال تعالى: ﴿إِلَّا عَجُوزًا فِي الْغَابِرِينَ﴾ [الصافات: ١٣٥] أي: إلا امرأة عجوزاً كانت تجسس على ضيوفه وتبلغ قومها بذلك، فهذه غبرت في الهالكين، ورجمت مع المرجومين، ولعنت مع الملعونين؛ لأنه ليس هناك تقوى، وليس هناك صلاح، وهذا ما قاله النبي عليه الصلاة والسلام في بداية دعوته، حيث قال: يا آل فلان! يا آل فلان! يا فاطمة إني لا أغني عنك من الله شيئاً، ثم حذرهم أن يأتي الناس بالدين وبالصلاة وهم يأتون بالأحساب والأنساب! أما المؤمن الصالح من أهل البيت فالحسنة بحسنتين وأما الظالم الفاجر فالسيئة بسيئتين، قال تعالى: ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ مَنْ يَأْتِ مِنْكُنَّ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ يُضَاعَفْ لَهَا الْعَذَابُ ضِعْفَيْنِ﴾ [الأحزاب: ٣٠]، ﴿يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ إِنِ اتَّقَيْتُنَّ﴾ [الأحزاب: ٣٢] ثم جعل الله الحسنة بالحسنتين لمن انقاد له وأطاعه.
قال تعالى: ﴿ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ﴾ [الصافات: ١٣٦]، أي: هؤلاء الكافرون والمفسدون من أهل هذه الفاحشة دمرهم الله جميعاً، وأهلكهم بأشد أنواع الهلاك، والتدمير: هو الإهلاك المفني، والقضاء المبرم.
قوله: ((ثُمَّ دَمَّرْنَا الآخَرِينَ)) أي: الآخرين من غير المؤمنين، والآخرين من أهله الذين لم يؤمنوا به، ومنهم هذه العجوز التي هلكت في الغابرين.