تفسير قوله تعالى: (وسلام على المرسلين)
قال تعالى: ﴿وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ١٨١].
الأمان والأمن في الدنيا والآخرة للمرسلين من رسل الله، من آدم إلى إدريس إلى نوح، ومن إبراهيم وولديه إسماعيل وإسحاق إلى الأنبياء من بني إسرائيل، إلى نبينا العربي المكي المدني خاتم الأنبياء وسيد الرسل، بل وسيد الخليقة كلها: ﴿وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ١٨١].
قال تعالى: ﴿وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ١٨٢]، فالحمد لله أولاً، والحمد لله أخيراً، والحمد لله على أن هدانا للإسلام وأن نصر رسله، والحمد لله على أن كشف هؤلاء الكفرة وغلبهم، وقهرهم وأذلهم، وجعل مصيرهم إلى النار.
الحمد لله على أن هدانا للإيمان بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمد نبياً، وبالقرآن إماماً، فالحمد لله على هذه المعاني الصادقة كلها.
ورد في الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: (إذا صليتم عليّ فصلوا على المرسلين، فأنا رسول من المرسلين)، وهذا صنيع ربنا في هذه السورة الكريمة، فهو قال: ﴿وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ﴾ [الصافات: ١٨١]، وقال النبي عليه الصلاة والسلام: (من أراد أن يكتال بالمكيال الأوفى من الأجر يوم القيامة فليختم مجلسه بما ختم به الله هذه السورة: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢]).
روى ذلك الطبراني عن زيد بن أرقم عن رسول الله عليه الصلاة والسلام، وروى ذلك علي بن أبي طالب موقوفاً من كلامه، ومرفوعاً إلى رسول الله صلى الله عليه وعلى آله، وفي رواية زيد: (من قرأ دبر كل صلاة: ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢] ثلاث مرات فقد اكتال بالمكيال الأوفى يوم القيامة من الأجر).
وهذا يسمى: كفارة المجلس وخاتمته، وأنه يكون ذلك عقب كل مجلس، وعقب كل صلاة وفي دبرها.
وقد ورد حديث آخر في كفارة المجلس، حيث قال عليه الصلاة والسلام: (من ختم مجلسه بقوله: سبحانك اللهم وبحمدك، أشهد أن لا إله إلا أنت، أستغفرك وأتوب إليك، عملت سوءاً وظلمت نفسي فاغفر لي، فإنه لا يغفر الذنوب إلا أنت)، كان ذلك كفارة له مما قد يقع في ذلك المجلس من لغو أو نميمة أو كلام لا يليق.
فمن الكفارات، ﴿سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُون َ * وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [الصافات: ١٨٠ - ١٨٢].
وبهذا نكون -ولله الحمد- قد ختمنا سورة الصافات، وسنشرع الآن في سورة (ص).