معنى قوله تعالى: (ذلكم الله ربكم له الملك)
قال تعالى: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ﴾ [الزمر: ٦].
(ذلكم): اسم الإشارة (ذا) و (كم) مضافة، وهي تكون بحسب المخاطب، فإذا خاطبت المفرد المذكر قلت: ذاك، وإذا خاطبت المفردة المؤنثة قلت: ذاك، وإذا خاطبت المثنى قلت: ذاكما، وإذا خاطبت جماعة الذكور قلت: ذاكم، وإذا خاطبت جماعة الإناث قلت: ذاكن.
والإشارة هنا إشارة بعيدة أي: ذلكم يا أيها السامعون! هذا الذي خلقنا من نفس واحدة وخلق أمنا من آدم ثم خلقنا جميعاً من أبينا وأمنا، وخلقنا أطواراً حتى خرجنا إلى هذا الوجود؛ ذلكم الذي فعل ذلك هو الله.
فقوله: ﴿ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ﴾ [الزمر: ٦] أي: خالقنا ورازقنا ومنشئنا، القائم علينا جل جلاله بأمره وبنهيه.
قوله: ﴿لَهُ الْمُلْكُ﴾ [الزمر: ٦] له ملك السماوات والأرض وما بينهما، له الكون كله، وهو الدائم الذي لا يفنى، وكل ملك سواه فان، وفي الحقيقة إنما هي أسماء زمنية تنتهي بزمنها، لا نملك مع الله شيئاً لا ولداً ولا عقاراً، ولا رزقاً ولا مالاً، ولكن الله المالك لكل شيء، وإنما ذلك عارية في أيدينا في الحياة الدنيا.
قال تعالى: ﴿لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [الزمر: ٦] معنى ذلك: هل هذه الصفات، وأن الله هو الخالق الرازق تجعل الناس يصرفون العبادة إلى غيره؟ هل الأولياء الذين اتخذوا أوثاناً من دون الله يقدرون على ذلك؟
ﷺ الله وحده القادر على كل شيء، وهو الموصوف بكل كمال، المنزه عن كل نقص.
إذاً: الجواب دوماً: الله ربنا لا إله لنا غيره ولا إله للخلق كلهم غيره.
﴿فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [الزمر: ٦] أي: إلى أين تصرف وجوهكم؟ ألا ترون أنكم تصرفون وتدفعون عن الإيمان بالله، وعن تصديق أنبيائكم، وعن عبادة ربكم مدة حياتكم إلى لقائه.
فقوله: ﴿فَأَنَّى تُصْرَفُونَ﴾ [الزمر: ٦] أي: فكيف تصرفون عن عبادته ويلعب بكم أئمة الضلال والشرك والوثنية؟


الصفحة التالية
Icon