تفسير قوله تعالى: (لكن الذين اتقوا ربهم)
﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الأَنْهَارُ وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ الْمِيعَادَ﴾ [الزمر: ٢٠].
﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا﴾ [الزمر: ٢٠] لكن: ليست للاستدراك كما تكون في الغالب، ولكنها كلمة لصرف قصة عن قصة.
قال: ﴿لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ﴾ [الزمر: ٢٠] أي: ماتوا على التوحيد، أولئك هم أتباع الأنبياء وأولئك هم أهل الجنان.
قوله: ﴿اتَّقَوْا رَبَّهُمْ﴾ [الزمر: ٢٠] خافوه وأطاعوا أوامره واجتنبوا نواهيه، وآمنوا بكتابه وبرسله، عاشوا على ذلك وماتوا على ذلك.
قال تعالى: ﴿لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ﴾ [الزمر: ٢٠] لهم غرف يعيشون فيها في الجنان، وهذه الغرف قصور شامخة يرى باطنها من ظاهرها.
روى أحمد في المسند والنسائي في السنن أن النبي ﷺ قال: (المؤمنون في الجنة في غرف يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها.
فكان بدوي حاضراً فقال: يا رسول الله، لمن هي؟ قال: هي لمن ألان الكلام، وأطعم الطعام، وتابع الصيام، وصلى بالليل والناس نيام) وصف المؤمن بأنه لين الكلام طيب القول، ليس بصخاب ولا فاحش ولا سباب ولا طعان ولا لعان، ووصفه بأنه يطعم الطعام ويتابع قيام الفرض وقيام النافلة، فكان يصلي ويتهجد لله والناس نيام.
وروى علي وأبو موسى الأشعري وأبو مالك الأشعري كما في صحيح البخاري ومسلم والسنن: أن النبي ﷺ قال: (غرف الجنان ما بين الغرفة والغرفة كما بين السماء والأرض، يتراءون فيها كما يرى الكوكب الدري من الأرض، فقال قائلون: تلك منازل الأنبياء يا رسول الله لا يدخلها سواهم؟ فقال النبي عليه الصلاة والسلام: بلى والذي نفس محمد بيده، هي لمن آمن بالله وصدق المرسلين).


الصفحة التالية
Icon