تفسير قوله تعالى: (ويقول الإنسان أئذا ما مت لسوف أخرج حياً)
قال تعالى: ﴿وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا﴾ [مريم: ٦٦].
هذا الإنسان الطاغية المتجبر والضعيف الخلقة والنشأة مع ضعفه وهوانه وخلقه من ماء مهين، يأبى إلا الطغيان والكفر والشرك والخروج عن أمر الله.
فقوله تعالى: ﴿وَيَقُولُ الإِنسَانُ أَئِذَا مَا مِتُّ لَسَوْفَ أُخْرَجُ حَيًّا﴾ [مريم: ٦٦] أي: أيعقل أنني إذا مت وصرت فتاتاً في التراب سوف أرجع كما كنت؟! أيعقل أن أخلق مرة أخرى وأن أكون شيئاً مذكوراً؟! أيعقل أن أخرج من الأرض سميعاً بصيراً حياً متكلماً؟! وإذا بالله يقرعه ويوبخه بالدليل العقلي القطعي الذي لا يرده إلا مجنون.
فيقول الله له: ﴿أَوَلا يَذْكُرُ الإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ قَبْلُ وَلَمْ يَكُ شَيْئًا﴾ [مريم: ٦٧] أي: أنسي الإنسان أننا عندما خلقناه أخرجناه لهذا الوجود ولم يكن قبل البتة، فلم يكن له ذكر ولا وجود ولا كيان، ثم بعد ذلك كان وأخرجناه، فأيهما أصعب: الإيجاد من عدم أو تجديد الحياة بعد أن كانت؟ وذلك أهون عليه، والكل هين عليه جل جلاله.
فالله يقول: ألا يذكر هذا المخلوق الضعيف أنا خلقناه وأبدعناه وكوناه وأوجدناه ولم يكن شيئاً مذكوراً، قال تعالى: ﴿هَلْ أَتَى عَلَى الإِنسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ لَمْ يَكُنْ شَيْئًا مَذْكُورًا﴾ [الإنسان: ١]، نعم قد أتى.