تفسير قوله تعالى: (وإذ يتحاجون في النار)
قال تعالى: ﴿وَإِذْ يَتَحَاجُّونَ فِي النَّارِ فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ﴾ [غافر: ٤٧].
يخبرنا الله عن تحاور أهل النار وتجادلهم، وتحدث أهل النار الضعاف الأتباع عن حسرتهم لتقليد الكبراء والسادة أئمة الكفر، وكأن المعنى: ذكرهم يا محمد وأخبرهم وعظهم أنه سيأتي وقت -مهما طال الزمن فإن الصبح لناظره قريب- يتحاجون في النار، أي: هؤلاء الكفار يتحاجون، فيحاول أن يحتج بعضهم على بعض، وأن يجادل ويحاور بعضهم بعضاً، كما قال الله: ﴿فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ﴾ [غافر: ٤٧].
أي: يقول الأتباع: كنا تبعاً لكم أيها الكبراء، وكلمة (تبع) تدل على المفرد والمثنى والجمع، وإذا أردت الإفراد قلت: تابع، وجمع التابع أتباع، تقول: فلان تبعني، وتقول: فلان تبع لقول فلان أو لفلان، فإذا أردت الإفراد فقل: فلان تابع لفلان، وإذا أردت ذكر الجماعة دون أن يقع لك قلت: أتباع.
وقوله تعالى: ﴿فَيَقُولُ الضُّعَفَاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا﴾ [غافر: ٤٧] أي: ضعاف الرأي والقدرة والمال والجاه والإدراك والفهم، فيقولون للذين استكبروا وتكبروا وتعاظموا من قادة الكفر وسادة الفجور، الذين دعاهم الأنبياء وأتباعهم فأبوا إلا عدم الإيمان بالله، فيقول لهم الضعفاء حينئذٍ: ﴿إِنَّا كُنَّا لَكُمْ تَبَعًا﴾ [غافر: ٤٧] أي: كنا أتباعاً لكم في دار الدنيا، فاتبعناكم على الشرك، وقبلنا قولكم في الضلال.
﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنَّا نَصِيبًا مِنَ النَّارِ﴾ [غافر: ٤٧] أي: هل أنتم تغنون أو تتحملون عنا جزءاً من العذاب مقابل أنكم أئمة لنا في الكفر والعصيان؟ وهل تقومون عنا بنصيب من العذاب تخففون به عنا وأنتم أصحاب هذه الدعوة وكبرائها وقادتها؟


الصفحة التالية
Icon