تفسير قوله تعالى: (هو الحي لا إله إلا هو)
قال الله جل جلاله: ﴿هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٥].
يصف الله جل جلاله مقامه وذاته وعلاه بأنه الحي الدائم الذي لا يموت، والباقي الذي لا أول ولا آخر له، والظاهر والباطن، وهو على كل شيء قدير، وغيره ميت فانٍ، ولم يكن إلا بقدرة الله وبخلق الله، ثم كان فمات بأمر الله وبقدرته.
والله يقول للذين ينكرون البعث من الملحدين المشركين الكافرين بالله: هل من أحد من أصنامكم وأوثانكم حي دائم؟ فالله: ﴿هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [غافر: ٦٥] أي: لا رب ولا معبود ولا خالق غيره.
﴿فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ﴾ [غافر: ٦٥]، أي: فاعبدوه وقد أخلصتم له الدين دون شريك وصنم، ودون أن تعبدوا معه غيره، وإلا ففاعل ذلك وثني مشرك كافر.
وقوله تعالى: ﴿الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٥] معنى ذلك: أن الله جل جلاله يعلمنا بأنه الواحد الأحد الحي الذي لا أول له ولا آخر، وإذا عبدتموه فاعبدوه وحده بإخلاص وصدق، بلا رياء ولا سمعة، وإن فعلتم ذلك -ويجب أن تفعلوه- فاحمدوا الله على أن وفقكم وهداكم لعبادته، وللإخلاص له.
قال عبد الله بن عباس رضي الله عنه: إذا قلت: لا إله إلا الله فقل بعدها: الحمد لله رب العالمين، ثم تلا هذه الآية: ﴿هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٥] أي: وحدوا ربكم، واعبدوه مخلصين، واحمدوه على أن وفقكم للإيمان وللعبادة الخالصة له.
وكان عبد الله بن الزبير بن العوام إذا أنهى صلاته يختمها بقوله: لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لله المجد، ولله الثناء، ولله العظمة، ﴿هُوَ الْحَيُّ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ﴾ [غافر: ٦٥]، وكان عليه الصلاة والسلام يقول ذلك دبر الصلوات الخمس.


الصفحة التالية
Icon