تفسير قوله تعالى: (فاصبر إن وعد الله حق)
قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ [غافر: ٧٧].
يؤكد الله على نبيه عليه الصلاة والسلام بقوله: (فاصبر) أي: اصبر على أذاهم، وشتائمهم وأقوالهم، فالنصر لك، ((فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ)) فما وعدك به من نصر، وفوز، وعذاب لهم، ومهانة لهم، كل ذلك حق لا محالة، والأمر بالصبر كان للنبي ﷺ قبل الأمر بالقتال، ولا ننسى أن السورة التي ندرسها ونشرح آياتها ونفسرها هي سورة مكية، والقتال لم يشرع في مكة، فلم يكن إلا الصبر، فكان يصبر في نفسه عليه الصلاة والسلام، ويأمر أصحابه بالصبر، وهم يشتمون ويعذبون بل ويقتلون، وكان يمر على الأسرة كاملة أباًَ وأماً وولداً وهم يعذبون إلى أن تقتل الأم، فلا يزيد عن قوله: (صبراً آل ياسر إن موعدكم الجنة)، إلى أن أمر بالهجرة إلى المدينة المنورة، وإذ ذاك شرع القتال، قال تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: ٣٩]، وقد قاتلوا فسحقوا أعداءهم سحقاً، ﴿فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللَّهِ حَقٌّ فَإِمَّا نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِلَيْنَا يُرْجَعُونَ﴾ [غافر: ٧٧]، يقول الله له: يا محمد! اصبر، وما وعدناك به كائن لا محالة.