تفسير قوله تعالى: (ولقد أرسلنا رسلاً من قبلك)
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ وَمَا كَانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلَّا بِإِذْنِ اللَّهِ فَإِذَا جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ قُضِيَ بِالْحَقِّ وَخَسِرَ هُنَالِكَ الْمُبْطِلُونَ﴾ [غافر: ٧٨].
يقول تعالى لنبيه معلماً ومسلياً ليعلم أتباعه والمؤمنين: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ﴾ [غافر: ٧٨] فلم تكن في هذا فريداً، ولا شاذاً وفذاً، فقد سبقك أنبياء كثيرون، ولست أنت إلا آخرهم والخاتم لهم، فقد جاء قبلك أنبياء كثيرونَ أرسلناهم لأممهم ولشعوبهم مبشرين ومنذرين، مبشرين أولياءه بالجنة والرضا، ومنذرين أعداءه بالغضب والسحق ودخول النيران.
قال تعالى: ﴿مِنْهُمْ مَنْ قَصَصْنَا عَلَيْكَ وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ نَقْصُصْ عَلَيْكَ﴾ [غافر: ٧٨] أي: ليس الرسل الذين أرسلناهم هم من سميناهم لك فقط، بل هناك الكثير ممن لم نذكر لك أسماءهم، ولم نقص عليك قصصهم، لا في أشخاصهم ولا في شعوبهم ولا في أممهم، وإنما قصصنا عليك سير القليل منهم، الذين اتخذناهم عبرة لك وللمؤمنين معك؛ ليكونوا درساً وعبرة وأسوة، وليكون المؤمن أسوة للمؤمن، والكافر نذيراً وعبرة لمن بقي على الكفر، ولم يذكر الله في كتابه إلا أسماء خمسة وعشرين من الأنبياء فقط، أولهم: أبونا آدم، وآخرهم نبينا محمد عليهم جميعاً أفضل الصلاة وأزكى التسليم، والذين أرسلوا أكثر من ذلك بكثير، فقد قال لنا ربنا: ﴿وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلَّا خلا فِيهَا نَذِيرٌ﴾ [فاطر: ٢٤]، فليس هناك أمة من أمم الخلق والبشر إلا وأرسل الله لها نبياً، ولم يذكر منهم إلا خمسة وعشرين فقط ممن اتخذ من سيرهم وسير أممهم وشعوبهم عظات وعبراً ودروساً لنبيه وخاتم أنبيائه ﷺ وللمؤمنين من أتباعه.
وهم: آدم وشيت وإدريس ونوح وإبراهيم وولداه إسماعيل وإسحاق وسلالة إسحاق إلى خاتمهم عيسى، وسلالة إسماعيل وهو نبينا عليه الصلاة والسلام.


الصفحة التالية
Icon