بدعة ترجمة القرآن
قوله تعالى: ﴿قُرْآنًا عَرَبِيًّا﴾ [فصلت: ٣] هذا المعنى ذكر في غير ما سورة وآية؛ ليؤكد به عربية القرآن، ومعنى ذلك: أن من يحاول ترجمته أو نقل معانيه أو ألفاظه فمهما صنع فلن يصل إلى الحقيقة البتة.
ويوجد اليوم بين الناس من يزعمون أنهم ينشرون الإسلام ويترجمون كتاب الله إلى مختلف لغات الأرض، وتلك بدعة في هذا العصر ومصيبة لم تكن في عصر الصحابة رضي الله عنهم، ولم تكن في عصر التابعين، بل ولم تكن من قبل مائة سنة؛ لأن لغة القرآن يجب تعلمها كتعلم القرآن فرضاً لازماً على كل مسلم، وطلب العلم فريضة على كل مسلم، وما لا يتم الواجب إلا به فهو واجب.
والقرآن عربي ونبي الإسلام عربي والسنة عربية، ولا يتم فهم القرآن وحديث رسول الله ﷺ إلا بتعلم لغة العرب وإلا ضل الناس وأضلوا كما حدث في عصرنا.
ونحن نعلم أشخاصاً أئمة في الدعوة إلى الإسلام ولا يعرفون العربية فأخطؤا وزلوا بما يعتبر خروجاً عن الإسلام؛ نتيجة جهلهم بلغة الإسلام وبلغة القرآن، وبلغة النبي عليه الصلاة والسلام التي هي لغة السنة المحمدية ولغة الحديث الشريف، في حين أن عمر رضي الله عنه عندما خرج فاتحاً بجحافل المسلمين وقبله أبو بكر رضي الله عنه ومن جاء بعدهما ممن وصل إلى الصين وإلى عمق أوروبا وما بينهما، كانوا يعلمون العربية مع لا إله إلا الله؛ لأنه بدون تعلمها لا يُعرف كتاب ولا سنة ولا إسلام.
ولم يكن هناك مترجمون ولم يكلفوا أحداً بالترجمة لا من أنفسهم ولا من الشعوب المفتوحة، وإنما كانوا يعلمون اللغة العربية للأجيال الصغيرة، وكانت تكفيهم سنتان أو ثلاث سنين ليتعلموها، كما هو حاصل اليوم عندما نرسل أطفالنا إلى المدارس الابتدائية أو الثانوية، فإنه لا يكاد يمر على ذلك سنتان أو ثلاث سنوات إلا ويتحدثون الإنجليزية والفرنسية أحياناً أكثر من أهلها فهماً وبلاغة وكلاماً، ويكون على حساب لغتهم العربية، فقد أصبحوا يجهلونها، وإذا علموا منها شيئاً علموا سطحها مما لا يكادون يفهمون به حكماً من أحكام الله في كتابه أو حكماً من أحكامه في سنة نبيه صلى الله عليه وسلم.
وعلى ذلك فالترجمة لا تجوز بحال إلا عند البيان.