تفسير قوله تعالى: (إذ جاءتهم الرسل من بين أيديهم ومن خلفهم)
قال تعالى: ﴿إِذْ جَاءَتْهُمُ الرُّسُلُ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا اللَّهَ قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلائِكَةً فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [فصلت: ١٤].
أي: أجابوا رسلهم وقالوا: فإنا بما أرسلتم به كافرون.
فهنا يقص الله علينا خبر عاد وثمود، فقال عنهم: إنهم نزلت بهم الصواعق والبلاء المدمّر والمهلك؛ لأنهم لما جاءتهم الرسل -هود صالح- بقولهم: لا إله إلا الله، وجاءوهم من بين أيديهم وقد سمعوا خبرهم من قبل، فقد كان قبل هود وصالح نوح وشيث وإدريس وآدم عليهم السلام، ثم جاء من بعدهم رسل آخرون، فكان جوابهم عندما دعوهم إلى الله الواحد الأحد أن قالوا: ﴿أَجَعَلَ الآلِهَةَ إِلَهًا وَاحِدًا﴾ [ص: ٥].
ثم عادوا فقالوا: لستم رسلاً، وأنتم تكذبون، ﴿قَالُوا لَوْ شَاءَ رَبُّنَا لَأَنزَلَ مَلائِكَةً﴾ [فصلت: ١٤]، أي: لو شاء ربنا الرسالة وشاء هدايتنا لأنزل إلينا ملائكة لا بشراً مثلنا! أفتريدون أن نخضع لكم ونطيعكم ونجعلكم أئمة وقادة، هيهات هيهات! لن يكون ذلك، ولو كان هذا حقيقة لما أرسلكم وأنتم بشر مثلنا، بل لأنزل علينا ملائكة من السماء.
ثم عادوا فتحدوا وقالوا: ﴿فَإِنَّا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ كَافِرُونَ﴾ [فصلت: ١٤].
فكفروا قولاً وعملاً برسالة هود وبرسالة صالح عليهما السلام، وبقوا على وثنيتهم وعلى طغيانهم وعلى جرائمهم.