تفسير قوله تعالى: (ثم بعثناهم لنعلم أي الحزبين أحصى لما لبثوا أمدا)
قال الله جل جلاله: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ [الكهف: ١٢].
لا نزال مع قصة أهل الكهف، حيث أنامهم الله دهراً وزمناً طويلا، ليكونوا مثالاً للبعث يوم النشور، وليؤمن من يؤمن، ولتقوم الحجة على من أبى إلا الكفران والجحود.
يقول الله جل جلاله عن هؤلاء الفتية وقد أنامهم في الكهف سنين عدداً: ﴿ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ﴾ [الكهف: ١٢].
أي: ثم أيقظناهم وأقمناهم من النوم، وذلك يشعر الناس بأنهم ما ماتوا، ولا اندثروا ولا فنوا.
﴿لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ [الكهف: ١٢].
ومعنى ذلك أن حزبين من الناس اختلفا في هؤلاء الفتية من أهل الكهف، كم لبثوا؟ وفي أي مكان رقدوا؟ وفي أي كهف غابوا؟ والله جل جلاله هو العالم سلفاً، فبعثهم الله وأيقظهم من رقادهم، لُيعلم أي هؤلاء الذين اختلفوا أحصى وأصوب، وأيهم أعلم بالواقع بمقام هؤلاء الذين أقاموا في الكهف.
هذا ما أجمل الله به قصة هؤلاء الفتية في الكهف، وقال لنبيه عليه الصلاة والسلام، بعد أن أخبره بما سأله عنه قومه من اقتراح يهود المدينة: ﴿أَمْ حَسِبْتَ أَنَّ أَصْحَابَ الْكَهْفِ وَالرَّقِيمِ كَانُوا مِنْ آيَاتِنَا عَجَبًا * إِذْ أَوَى الْفِتْيَةُ إِلَى الْكَهْفِ فَقَالُوا رَبَّنَا آتِنَا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً وَهَيِّئْ لَنَا مِنْ أَمْرِنَا رَشَدًا * فَضَرَبْنَا عَلَى آذَانِهِمْ فِي الْكَهْفِ سِنِينَ عَدَدًا * ثُمَّ بَعَثْنَاهُمْ لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصَى لِمَا لَبِثُوا أَمَدًا﴾ [الكهف: ٩ - ١٢].
ففي هذه الآي القصار أجمل الله الكلام عنهم، ولخصه، وهو أنه قد أنامهم في الكهف، وضرب على آذانهم فلم يسمعوا كلام أحد، ولم ينفذ الكلام والضجيج إلى آذانهم فيكون ذلك سبباً لإيقاظهم.