تفسير قوله تعالى: (ألم تر أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين تؤزهم أزاً)
قال تعالى: ﴿أَلَمْ تَرَ أَنَّا أَرْسَلْنَا الشَّيَاطِينَ عَلَى الْكَافِرِينَ تَؤُزُّهُمْ أَزًّا﴾ [مريم: ٨٣].
أي: ألم تر يا محمد! أنا أرسلنا الشياطين على الكافرين وهم أشد كفراً من كفار الإنس؛ لتؤزهم ولتحسن لهم كفرهم وتزين لهم ظلمهم، وليزدادوا كفراً على كفر ما داموا قد أشركوا بالله، وابتعدوا عن طاعة الله، وأبوا إلا أن يعيشوا كالحيوانات التي لا تكاد تصنع لنفسها أو لغيرها خيراً في دار الدنيا ولا في الدار الآخرة، فقوله: ﴿تَؤُزُّهُمْ أَزًّا﴾ [مريم: ٨٣] أي: تقلقهم وتزعجهم وتزين لهم أعمالهم وكفرهم.
قال تعالى: ﴿فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا﴾ [مريم: ٨٤] أي: يا محمد! لا تعجل على هؤلاء الكفار، فما أنذورا به واقعون فيه لا محالة، وسيعذبون في النار، وسينكر معبودوهم عبادتهم، وسينكر عبادتهم شياطينهم ويكونون أضداداً لهم، أي: أعداءً لهم، فلا يهتمون بهم بل يحتقرونهم ويقللون من شأنهم ولا يلتفتون إليهم، فقوله تعالى: ﴿فَلا تَعْجَلْ عَلَيْهِمْ﴾ [مريم: ٨٤] أي: فالعذاب آت لا محالة، ولكل أجل كتاب.
قوله تعالى: ﴿إِنَّمَا نَعُدُّ لَهُمْ عَدًّا﴾ [مريم: ٨٤] أي: سيبلغ الكتاب أجله بعد سنين، وستنتهي أعمارهم فيقبلون على الله هلكى، ويدخلون القبور فيأتيهم منكر ونكير محاسبين لهم ومعزرين ومعذبين؛ لما صدر عنهم من معاصٍ وآثام.