معنى قوله تعالى: (أفمن يلقى في النار خير أمن يأتي آمناً يوم القيامة)
((أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ)).
يقول الله لهؤلاء الملحدين المحرفين المتلاعبين بالنصوص كتاباً وسنة: أيهم خير: من يُلقى في النار لإلحاده وكفره، أم من يأتي يوم القيامة آمناً لا عذاب ولا حساب عليه، فهذا في الجنة وهذا في النار، فهل يستويان مثلاً؟ وهل الكافر كالمؤمن؟ وهل المقيم في الجنة وفي وجوههم نظرة النعيم له فيها ما تشتهيه نفسه وتلذ عينه، كالذي في النار يعذب فيها أبداً سرمداً، ﴿كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا لِيَذُوقُوا الْعَذَابَ﴾ [النساء: ٥٦]؟ والله قال هذا ليلفت أنظارهم وليزيد وعيده لهم وتخويفه لهم بعد أن قال لهم: ((إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آيَاتِنَا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنَا أَفَمَنْ يُلْقَى فِي النَّارِ))، أي: أهذا الملحد المحرف للكلام عن مواضعه العاصي الكافر بالله عندما يلقى على وجهه في النار ويسحب إليها سحباً؛ أهو خير وأكرم وأفضل وأصح أم ذاك الذي يأتي آمناً يوم القيامة؟ فالمؤمن يأتي يوم القيامة آمناً من غضب الله ومن دخول النار، ويكون آمناً لدخوله الجنان ولرحمة الله له ورضاه عنه.
ثم قال تعالى: ((اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ)) بعد أن أعلمهم الله وبين لهم طريق الصلاح وطريق الضلال وخيّرهم هل الجنة خير أم النار، قال لهم: ((اعْمَلُوا مَا شِئْتُمْ))، أي: اتبعوا عقولكم وكفركم، وهذا وعيد أكيد وتهديد مخيف مزعج.
((إِنَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ)).
أي: إن الله جل جلاله بصير بعمل العاملين، إن عملوا خيراً جازاهم عنه خيراً، وإن عملوا شراً جازاهم عنه شراً، وهو البصير بكل شيء من أعمال العاملين، فمن عمل خيراً أبصره ومن عمل شراً أبصره، فللعامل بالخير الجنان والرضا، وللعامل بالشر النار والغضب.