ذكر بعض ما تحقق مما أخبر به النبي ﷺ من الغيب
وهذه الآيات هي: كل ما في عصرنا مما لم يكن في عصر النبي عليه الصلاة والسلام، وأول ذلك ما أخبر به نبي الله وكتاب الله مما سيأتي بعد عصر النبوة في عصر الخلفاء الراشدين من قتل عمر وعثمان وعلي والحسين وفتن الصحابة رضي الله عنهم، وقيام الفتن الضاربة أطنابها بين المسلمين.
وكل ما أخبر به النبي عليه الصلاة والسلام من نشر الإسلام وبلوغه المشارق والمغارب وركوب البحار وخوضها في المشرق والمغرب، وانتشار الإسلام واتباع الناس له ولنبيه محمد عليه الصلاة والسلام، كل ذلك قد أخبر عنه عليه الصلاة والسلام ووقع كما أخبر به.
بل وأخبر عما يحصل في السماء من طيران ومن صواريخ ومن تقارب الزمان وتقارب المشارق والمغارب، مما أشار إليه القرآن إشارات وفهمها ذوو الألباب، ولو قال الله وقال رسول الله ﷺ إن الناس يوماً سيركبون الحديد وسيسير هذا الحديد ويطير بقليل من الماء لقالوا: جن محمد وأتى بالهذيان الذي لا يعقل، وهم قالوا عنه: مجنون وهو لم يقل هذا.
وهذا ما أشار إليه الكتاب الكريم في قوله: ﴿وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لا تَعْلَمُونَ﴾ [النحل: ٨]، فقد قال حبر القرآن ابن عباس: (ما) عطف، فكان من جنس المركوبات كما ذكر، وكان الأمر كذلك.
ولم ندرك هذا إلا نحن في عصرنا، فرأينا الحديد يطير في الأجواء بمياه أخذت من الأرض كمياه الآبار والعيون ونحوها، وهو لم يزد على كونه ماء، فمرة نسميه بترولاً ومرة نفطاً، وهو على كل اعتبار ماء لم نصنعه ولم نسع إليه، ولكنه ماء في أعماق الأرض على بعد عدة كيلومترات وأميال، وهذا الماء هو عصب الحياة اليوم، ولو أوقفت جزيرة العرب ودول العرب البترولية هذا الماء لشلت قوة أعدائها ووجودهم، ولو أوقفته البتة واستدامت على ذلك لما مشت سيارة ولا طارت طائرة ولا مخر البحر باخرة، ولما قاتلت دبابة ولا نزلت جنود ولا حضروا لقتال ولا شيء، وصحيح أن عندهم بترولاً ولكنه قليل لو صرفوه وشغلوه لما زاد على شهرين أو ثلاثة، ثم يصبحون مقطوعي الصلة حتى بين مدنهم الداخلية.