تفسير قوله تعالى: (ألا إنهم في مرية من لقاء ربهم)
قال تعالى: ﴿أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ﴾ [فصلت: ٥٤].
ألا: حرف تنبيه، أي: ألا يا هؤلاء! أعيروني أسماعكم وأبصاركم، أي: انتبهوا، وهذا كما يقول الضابط للجندي: انتبه، ومعناه: أعطني أذنك وسمعك ولا تفكر في شيء إلا فيما سأملي عليك، وفي لغة العرب من حروفها وأدواتها ما يدل على هذا المعنى، فلو قال الضابط للجندي الذي يفهم اللغة العربية: ألا فاستمع، كانت (ألا) قائمة مقام انتبه.
فقوله تعالى: ((أَلا إِنَّهُمْ فِي مِرْيَةٍ مِنْ لِقَاءِ رَبِّهِمْ)) أي: ألا إن هؤلاء المشركين الكافرين الذين لم يؤمنوا بالله في مرية وشك وتردد وارتياب من لقاء ربهم، أي: من يوم البعث والعودة إلى الحياة والعرض على الله، والشك في يوم القيامة كفر.
ثم ذكر ربنا عن نفسه: بأنه بكل شيء محيط، أي: أحاط علمه بكل شيء إحاطة الحائط، وتعالى الله عن المثل والشبيه، وكلمة (أحاط) من الحائط، وسمي حائطاً؛ لأنه يحيط بذلك البناء أو بتلك الساحة.
قوله: ((أَلا إِنَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ مُحِيطٌ)) هو أيضاً تنبيه، أي: انتبهوا يا هؤلاء! فإن علم الله وبصره وسمعه وإرادته محيطة بكل شيء، وهو الخالق لكل شيء، وهو المحيي المميت والرازق لكل شيء والعالم بكل شيء، وهو الذي لا تخفى عليه خافية في السماء أو في الأرض، أفظن هؤلاء أنهم سيفلتون من عقاب الله وعذابه؟ هيهات هيهات أن يفلتوا، وما بينهم وبين العقاب إلا أن يموتوا، ثم تعذب أرواحهم في القبر، ثم أجسادهم بعد ذلك في النار، عذاباً خالداً ينسيهم عذاب القبر وعذاب الدنيا.
وهذه السورة سميت بالسجدة لما فيها من السجود.
وسميت كذلك بفصلت أخذاً من كلمة (فصلت) التي ذكرت في أولها، أي: بينت آياتها وعلمت، وبين حلالها وحرامها.