تفسير قوله تعالى: (الله لا إله إلا هو له الأسماء الحسنى)
قال تعالى: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [طه: ٨].
القرآن كله مبني على هذه الكلمة العظيمة كلمة التوحيد فهذه الكلمة الجليلة قامت عليها السموات والأرضون وما بينهن، وهذه الكلمة هي التي أرسل الله من أجلها رسله وأنبياءه؛ ليعلموا خلقه أن لا إله إلا هو ولا خالق غيره، ولا رازق سواه، ولا مدبر للخلق إلا هو جل جلاله، وهذا أكد في القرآن في غير ما سورة، والشيء إذا تكرر تقرر حتى يصبح ضبطاً ملزماً، وقضاءً مبرماً.
وإلى كلمة (لا إله إلا الله) دعت الأنبياء منذ آدم أبي البشر إلى خاتمهم نبينا صلى الله عليه وسلم، وما اختلفوا في هذا، وإنما تختلف الشرائع والأحكام وأنواع العبادات، قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: ٤٨].
وقال صلى الله عليه وسلم: (نحن معاشر الأنبياء أبناء علات، أبونا واحد وأمهاتنا شتى) والعلات هن الضرائر، بمعنى: أن شريعة الله لنا في الدعوة إليه، ولوحدانيته ولعبادته وحده لم نختلف فيها، ولكن شرائعنا وطرقنا متعددة، وكلها موصلة إلى الله.
وقوله: ﴿اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [طه: ٨]: أي: الله جل جلاله الذي انفرد بهذا الاسم العلي علماً على ذاته العلية، لا إله غيره، ولا رب سواه، انفرد بالخلق وبالرزق وبالتدبير، لا ثاني له في صفة ولا ذات ولا أفعال، فالكل لله ومن الله جل جلاله، فلم يحتج إلى معين، ولا مساعد، ولا شريك، تعالى الله عن كل ذلك علواً كبيراً.
قوله تعالى: ﴿لَهُ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى﴾ [طه: ٨].
أي: أن الله واحد، والأسماء التي ندعوه بها، ونضرع إليه بها، ونتعبده بها كثيرة وقد ذكر بعضها في كتابه، وكلها حسنى، والحسنى مؤنث الأحسن، وقد مضت هذه الآية مفسرة في السور الماضية، ونعيد ملخص ذلك بقوله صلى الله عليه وسلم: (إن لله تسعة وتسعين اسماً من أحصاها دخل الجنة).
وكلها أسماء حسنى، وقد أمرنا أن ندعوه بها؛ ليستجيب لنا ربنا جل جلاله قال تعالى: ﴿وَلِلَّهِ الأَسْمَاءُ الْحُسْنَى فَادْعُوهُ بِهَا﴾ [الأعراف: ١٨٠].