الجهل بالعربية جهل بالقرآن والسنة
ثم فسد الناس وضعفوا في دين الله، واتخذوا من الوثنية والقومية أوثاناً وأصناماً، فتعصبوا للغاتهم وأوطانهم وعشائرهم، فأضاعوا لغة العرب؛ لغة كتاب الله، ولغة دين الله، فأصبح كتاب الله مترجماً إلى لغات إسلامية، وإلى لغات فارس والهند، ثم بعد ذلك إلى لغات جميع سكان الأرض.
تلك البدعة ما أنزل الله بها من سلطان، ونرى اليوم الدعاة فرطوا فيها وتتابعوا فيها وهم يظنون أنهم يدعون إلى خير، وتلك بدعة ما أنزل الله بها من سلطان، وما دعا رسول الله العرب والعجم إلا بلغة العرب لغته ولغة القرآن الكريم، ثم تتابع بعد ذلك خلفاؤه الراشدون، فما نصروا الإسلام في كتابه وسنته إلا بلغة العرب، فكانت الدعوة إلى اللغة العربية، وما لغة العرب إلا القرآن والسنة؛ لأن من لم يعلم لغة العرب لا يعلم القرآن ولا يعلم السنة النبوية، إلا إذا نشأ بين أهلها وفي بيئتها وتعلمها طفلاً وتحدث بها صغيراً، أما إذا تعلمها على كبر فيكون تعلماً ناقصاً وقاصراً، فقد رأينا الكثيرين ممن نصبوا أنفسهم دعاة إلى الإسلام، ما تعلموا لغة العرب إلا عن كبر، فأتوا بالمصائب في تفسير كتاب الله وحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم، حتى خرج به بعضهم عن الإسلام، والبعض الآخر قال: إن النبي لا يطاع إلا إذا كان معه آية قرآنية، وفيما عدا ذلك ليست طاعته بواجبة، فهذا قول كافر، فمن قاله بعد تحريره وتبيينه وأصر عليه يعتبر كافراً.
وقال دعاة مشهورون العجائب والغرائب؛ لأنهم جهال باللغة العربية.
وقوله تعالى: ﴿إِنَّا جَعَلْنَاهُ﴾ [الزخرف: ٣] أي: جعلنا القرآن عربياً، وأنزلناه عربياً وأوحينا به إلى محمد ﷺ بلغة العرب.
وقوله: ﴿لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ﴾ [الزخرف: ٣] أي: لعلكم تعقلون وحيه ولغته وفهمه، وقد كان ذلك كما فسره الله وأراده، فكان العجم من السباقين إلى فهم كتاب الله، والمئات من التفاسير وضعها عجم بلغة عربية فصحى وتفاسير فصيحة، فقد فهموا لغة الإسلام وسنة رسول الله ﷺ الفهم الصحيح المفيد.