تفسير قوله تعالى: (رب السماوات والأرض وما بينهما إن كنتم موقنين)
قال تعالى: ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الدخان: ٧].
فهو رب محمد صلى الله عليه وسلم، وهو رب السموات ورب الأرض، ورب ما بين السموات والأرض من أفلاك ومن مجرات ومن خلق، وهو أعلم بهم، فهو الرب الخالق الرب المدبر المحيي المميت الرازق، وهو رب جميع الخلق، ليس رب محمد فقط، ولا رب الأولين فقط، ولا رب الآخرين فقط ولكنه رب الأولين والآخرين ورب كل ما خلق.
قال تعالى: ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا﴾ [الدخان: ٧] مما نرى ومما نعلم ومما نقرأ عنه ومما أخبرنا به القرآن وحدثنا عنه نبينا عليه الصلاة والسلام.
قال تعالى: ﴿رَبِّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا إِنْ كُنْتُمْ مُوقِنِينَ﴾ [الدخان: ٧] أي: يا هؤلاء الذين سمعوا هذا الكتاب وبلغهم ما قاله رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإن كنتم موقنين بهذا، وإن كنتم على يقين بالتوحيد، وعلى يقين بصدق هذا الكتاب وأنه منزل من الله، وعلى يقين بصدق المنزل إليه محمد صلى الله عليه وسلم، فهذا رحمة لكم ورحمة بكم، وإن كنتم غير مؤمنين وغير موقنين فإن العذاب ينتظر كل من لم يكن كذلك، فهو قد أبى الرحمة ورفض الرحمة وابتعد عن الرحمة، فما أتعسه وما أشقاه، جاءه الخير فرفضه وداس عليه، فعليه لعنة الله جزاء عصيانه وتمرده.
ثم قال تعالى: ﴿لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ يُحْيِي وَيُمِيتُ رَبُّكُمْ وَرَبُّ آبَائِكُمُ الأَوَّلِينَ﴾ [الدخان: ٨].
فهو ربنا ورب آبائنا ورب الخلق أجمعين، وهو إله في السماء وإله في الأرض، وهو الإله المعبود المستحق للعبادة من كل ما خلق من ملائكة وجن وإنس وحيوان، وهو رب آبائنا ورب أجدادنا ورب أولادنا ﴿لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ﴾ [الدخان: ٨] لا ثاني له في ذاته ولا في صفاته ولا في أفعاله، هو المحيي المميت الذي أحيانا بعد عدم.


الصفحة التالية
Icon