معنى قوله تعالى: (إذ رأى ناراً فقال لأهله امكثوا)
قال تعالى: ﴿وَهَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ مُوسَى * إِذْ رَأَى نَارًا فَقَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا﴾ [طه: ٩ - ١٠] كانت معه زوجته فقال لها: أقيمي وانتظريني، ﴿إِنِّي آنَسْتُ نَارًا﴾ [طه: ١٠] أي: أبصرت ناراً، وهو يريد ناراً ليصطلي ويدفأ بها مع زوجته.
﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ﴾ [طه: ١٠] والقبس من النار جذوة كما عبر عنها في آية أخرى، وهي قطعة من جمر تؤخذ فتشعل لإيقاد نار أخرى، وأخذ ورقاً من الأرض يابسة يريد أن يشعلها، وعندما أتاها رأى عجباً؛ رأى شجرة سمر خضراء شديدة الخضرة والنار محيطة بها، وكانت النار على غاية ما يكون من الصفاء، كاللون الأبيض، فرأى أنه لا الشجرة احترقت، ولا النار تأثرت بماء الشجرة وخضرتها، وإذا به يدرك بعد ذلك أن هذه النار نور وليست ناراً، فهي نور الله جل جلاله الذي تجلى للجبل فجعله دكاً وخر موسى صعقاً، والذي كلم الله منه كليمه موسى صلوات الله وسلامه عليه وعلى نبينا.
وبهذا قال جمع من الصحابة والتابعين، أي: أنها نور وليست بنار، وإنما كانت ناراً في ظن موسى، ولكن الحسن البصري كان يقسم ما هي بالنور، وإنما هي نار، ومن حجب الله التي احتجب بها النار، ولو كشف عنها لأحرقت سبحات وجهه من انتهى إليه البصر من خلقه.
وقد قيل للنبي عليه الصلاة والسلام: (هل رأيت ربك عندما أسري بك إليه؟ قال: نور أنى أراه).
قوله: ﴿لَعَلِّي آتِيكُمْ مِنْهَا بِقَبَسٍ أَوْ أَجِدُ عَلَى النَّارِ هُدًى﴾ [طه: ١٠].
ففهمنا من (قبس): أنه كان في برد شديد، والوقت وقت برد شديد، فذهب ليصطلي ويأتي بجذوة من نار وقبس منها.


الصفحة التالية
Icon