تفسير قوله تعالى: (وأنا اخترتك فاستمع لما يوحى)
قال تعالى: ﴿وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾ [طه: ١٣].
أي: أنا اصطفيتك لرسالاتي واخترتك لنبوءتي على من في عصرك ومن في زمانك، فأنت مختارهم، وأنت مصطفاهم، ولا يلزم أن يكون ذلك دائماً، فنبينا أفضل منه، وهو المصطفى والمختار، وقد قال: (أنا سيد ولد آدم يوم القيامة ولا فخر).
قوله: ﴿فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى﴾ [طه: ١٣]: أي: لما سأوحيه إليك، وأكلمك وأخاطبك به.
قال تعالى: ﴿إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي﴾ [طه: ١٤].
فكان أول ما قال له من الوحي: إنه الله الواحد لا إله إلا هو.
قوله: (فاعبدني) أي: أفردني بالعبادة ووحدني، فلا ثاني معي، ولا شريك لي، وما زعمه من زعم من أعداء الله السابقين واللاحقين كلها أكاذيب، وكلها أضاليل ما أنزل الله بها من سلطان.
قوله: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤].
أقم الصلاة: أي: استعد لها، وجهز نفسك وأعضاءك وحواسك لذكري؛ لتكون بذلك ذاكراً لي وحدي، عابداً لي وحدي، متفرغاً لعبادتي وحدي، ولا يليق بالله الواحد أن يشرك به في شيء، لا في ذات ولا صفة ولا فعل، والنبي ﷺ قد قال عمن نسي صلاة كما في مسند أحمد والصحيحين: (من نسي صلاة فكفارتها أن يصليها إذا ذكرها).
فقوله تعالى: ﴿وَأَقِمِ الصَّلاةَ لِذِكْرِي﴾ [طه: ١٤] أي: إذا نسيت وقتها وغفلت عنها فصلها عندما تذكرها، وذلك وقتها، وقد رفع القلم عن الناسي حتى يذكر.