تفسير قوله تعالى: (وإن لم تؤمنوا لي فاعتزلون)
قال تعالى: ﴿وَإِنْ لَمْ تُؤْمِنُوا لِي فَاعْتَزِلُونِ﴾ [الدخان: ٢١].
أي: أنا دعوتكم إلى الله، فإن لم تؤمنوا بالرسالة التي أتيت بها، وبكتاب التوراة المنزل علي، إن لم تؤمنوا لي فالأقل أن تعتزلوني، فاتركوني ورسالتي أدعو إلى الله، أما أن تحولوا بيني وبين رسالتي وتمنعوني عن أن أدعو إلى الله وأن أقوم بالرسالة التي أمرني بها الله؛ فهذا لا يجوز ولا يمكن، فسأثبت عليه حتى الموت.
وهذا أقل ما يطلب من الكافر والجاحد إذا قام الدعاة إلى الله والهداة إلى الله برسالتهم ودعوتهم، أما أن يحال بينهم وبين دعوتهم فذاك أبلغ ما يكون من الكفر والجحود والتعالي على الله، شأن كفرة هذا العصر من منافقي المسلمين وأشباههم، ومن الكفرة المختلفين، فهم لا يكتفون بالردة، بل يأبون إلا أن يمنعوا الدعاة والهداة وورثة النبي ﷺ عن أن ينصروا دين الله وأن يفسروا كتابه، وأن ينصروا السنة، وأن يعلموا الناس الحلال والحرام، وأن يبينوا الكفر وما فيه من أنواع الشرك والضلال المبين، فلا يقبلون ذلك، قد أغلقوا أجهزتهم المكتوبة والمقروءة والمسموعة والمنظورة عن أن توظف لذلك.
فعدم اعتزال الدعاة إلى الله فيما يدعون فيه إلى الله أقبح أنواع الكفر، ولذلك فإن كفرة عصرنا الذين استأثروا بالكفر ومنعوا الدعاة إلى الله من نشر الإيمان ونشر الإسلام، ودعوة الناس إليه قد وصلوا إلى درجة تجاوزوا فيها قوم فرعون ومن سبقهم من الكفار في الأمم السابقة.