تفسير قوله تعالى: (يدعون فيها بكل فاكهة آمنين)
قال تعالى: ﴿يَدْعُونَ فِيهَا بِكُلِّ فَاكِهَةٍ آمِنِينَ * لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلاَّ الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ [الدخان: ٥٥ - ٥٦].
أي: يدعون في الجنة بكل فاكهة من جميع الفواكه، فيطلبون من أشكالها وأنواعها وألوانها في الجنة مع الطعام والشراب وهم آمنون من أن تنقص، آمنون من أن يمنعوا منها، آمنون من الجوع، آمنون من العطش.
فهم آمنون في قصورهم، فالأمان يغمرهم من كل أطرافه.
قال تعالى: ﴿لا يَذُوقُونَ فِيهَا الْمَوْتَ إِلَّا الْمَوْتَةَ الأُولَى وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ [الدخان: ٥٦].
أي: لا يذوقون في الجنة الموت؛ فقد ورد في الصحيح أن الموت يوم القيامة يمثل على صورة كبش، فيأمر الله بذبحه، ويقال لأهل النار: خلود فلا موت، ويقال لأهل الجنة: خلود فلا موت، فهؤلاء في الجنة لا يموتون، وكذلك لا يموت أهل النار، فهم يتمنون الموت وهيهات هيهات أن يموتوا، كما قال تعالى: ﴿وَنَادَوْا يَا مَالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنَا رَبُّكَ قَالَ إِنَّكُمْ مَاكِثُونَ﴾ [الزخرف: ٧٧].
فأهل الجنة لا يذوقون في حياتهم إلا الموتة الأولى التي كانت في دار الدنيا، فهو استثناء منقطع، فلا يذوقون في الجنة الموت، إلا الموتة الأولى في دار الدنيا، فقد ذاقوها ولا موت بعدها أبداً.
وقول تعالى: ﴿وَوَقَاهُمْ عَذَابَ الْجَحِيمِ﴾ [الدخان: ٥٦].
أي: ووقاهم ربهم عذاب النار وعذاب الجحيم، وتلك نعمة من أعظم النعم وأكبرها، فالذي ينقذ من عذاب الجحيم ينقذ من عذاب لم ير مثله أحد، كيف وهو ينتقل إلى الجنة بنعيمها وأمانها وحور عينها وقصورها وما فيها من أنواع الملاذ؟!


الصفحة التالية
Icon