تفسير قوله تعالى: (من ورائهم جهنم)
قال تعالى: ﴿مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ وَلا يُغْنِي عَنْهُمْ مَا كَسَبُوا شَيْئًا وَلا مَا اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ أَوْلِيَاءَ وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [الجاثية: ١٠].
فهؤلاء -على عذاب الله الموجع الأليم المهين المذل- مِنْ وَرَائِهِمْ جَهَنَّمُ، وقد قيل: (من ورائهم) أي: من أمامهم.
ولا حاجة إلى هذا التأويل، بل من ورائهم يتبعهم التهديد والوعيد بالنار، فالنار خلفهم كيفما ذهبوا وكيفما تحركوا، فإذا ذهبوا إلى الآخرة فالنار خلفهم، وإذا حوسبوا بعد ذلك يدخلون النار والنار خلفهم، أي أن الحكم بالنار والحكم بالعذاب المهين شيء قائم لا مفر عنه يجري خلفهم كما يجرون خلف الكفر والإثم والمعصية والشرك.
قال تعالى: ﴿وَلَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ﴾ [الجاثية: ١٠] فجمع الله لهم بين العذاب المهين والعذاب الأليم والعذاب العظيم، فهم في عذاب على كل أشكاله وأنواعه لتنوع كفرهم وتفنن شركهم من نسيان لما أنزل الله على نبيهم، ومن ترك لما حفظوه ووعوه، ومن هزء بما وعوه وحفظوه، ومن استكبار وإصرار على الباطل، فمن أجل ذلك يعذبون بأنواع العذاب الأليم والمهين والعظيم.