معنى قوله تعالى: (ولقد آتينا بني إسرائيل الكتاب والحكم والنبوة)
يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ﴾ [الجاثية: ١٦] إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق، وإسحاق هو ابن إبراهيم، وإبراهيم كان له ولدان أحدهما نبي رسول والثاني نبي، فكان له إسماعيل، وكان نبياً رسولاً، وكان له إسحاق، وكان نبياً غير رسول، وكلاهما طيب ابن طيب، ونبينا عليه الصلاة والسلام ينتسب إلى إسماعيل بن إبراهيم، فهو نبي الله ابن نبي الله إسماعيل ابن خليل الله ونبي الله ورسول الله إبراهيم، وكل أنبياء بني إسرائيل هم أبناء إسحاق، ولذلك نسبوا إليه.
قال تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴾ [الجاثية: ١٦].
فقد أنزل تعالى التوراة على موسى، وأنزل الإنجيل على عيسى، وعيسى هو آخر أنبياء بني إسرائيل، والتوراة أنزلت على موسى، وهو من الخمسة أولي العزم من الرسل، ولكنهم مع ذلك بدّلوا وغيّروا، وقد كانوا يوماً حكّاماً، فكان منهم ملوك أنبياء، وكان منهم ملوك صالحون، ثم بدّلوا وغيّروا فغير الله عليهم نعمته ورحمته، فشرّدهم وشتتهم إلى أبد الآباد، ولم تقم لهم قائمة إلى اليوم.
وأما ما هم عليه اليوم فهو من استدراج الله لهم، وتأثر المؤمنين الذين تأثروا بهم ودانوا بمذاهبهم وبحضارتهم فقالوا: نحن شيوعيون، وما يدير الشيوعية إلا ماركس، وهو يهودي ابن حاخام، وكذلك بقية المذاهب التي يؤمنون بها من ماسونية ووجودية وقاديانية وبهائية، وبقية ملل الكفر جميعها مذاهب يهودية.
فعندما ترك المسلمون شريعة ربهم وجروا خلف هذه المذاهب الضالة المضلة عاقبهم الله وسلط عليهم اليهود جزاء وفاقاً ﴿إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾ [الرعد: ١١]، فإذا غيّرنا ما بنا من هدى الله غيّر الله ما بنا، والبلاء لا يزال شديداً، ونسأل الله الحفظ والسلامة.
يقول تعالى: ﴿وَلَقَدْ آتَيْنَا بَنِي إِسْرَائِيلَ الْكِتَابَ وَالْحُكْمَ وَالنُّبُوَّةَ﴾ [الجاثية: ١٦] فأكثر الله فيهم الأنبياء، فإسحاق نبي، ويعقوب نبي، ويوسف نبي، وداود نبي، وموسى نبي، وهارون نبي، وعيسى نبي.
وقد روي في حديث غير صحيح (علماء أمتي أنبياء بني إسرائيل) قال المحدثون: هو حديث لا يصح لفظاً، ولكن معناه قائم، فعلم علماء المسلمين هو بمثابة علم هؤلاء الأنبياء، إلا أنه لا نبي بعد محمد، فهو خاتم الأنبياء وخاتم الرسل، ويكفي العالِم الصابر الصادق العالِم بالله وبدين الله أن يكون وارثاً محمدياً، فهو أحد ورثة علم النبي صلى الله عليه وعلى آله، وكفى بذلك مكسباً وكفى بذلك مفخراً.


الصفحة التالية
Icon