معنى قوله تعالى: (ولكن أكثر الناس لا يعلمون)
قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: ٢٦].
فأكثر الناس منذ خلق الله آدم إلى موت آخر إنسان على وجه الأرض كافرون بالله وبالبعث، فلا يوقنون بأن يوم البعث حق، ولا بأن العودة إلى يوم القيامة حق، ولا يؤمنون بالجنة والنار، ولا يؤمنون بكتب الله، ولا برسل الله، ولا بقدرة الله وبوحدانيته، وذلك معنى قوله جل جلاله: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١١٦].
ولذلك فإن القول بالأكثرية والأقلية نظام يهودي؛ لأن الأكثرية ضالة، فأقاموا الندوات والبرلمانات ودور الشورى، وجعلوا القول والحكم للأكثرية، فما قاله الأكثر فهو الحق والصواب، وما قاله الأقل فهو الباطل! والله لم يقل هكذا، بل قال لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم: ﴿وَإِنْ تُطِعْ أَكْثَرَ مَنْ فِي الأَرْضِ يُضِلُّوكَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ﴾ [الأنعام: ١١٦] والأمر لا يزال قائماً، فلو أن أحدنا قام اليوم فقال: أريد أن أعمل موازنة لأعلم هل الأكثر في الناس المسلمون أم الكفار لخرج بنتيجة مفادها كثرة الكفرة من يهود ونصارى ووثنيين وشيوعيين.
فلو اعتبر المرء الأكثرية لكان كافراً؛ لأنهم يزعمون أن الحق مع الأكثرية، وإنما يزعمونه لغيرهم، أما لهم فلا، ولو آمنوا بأن الأكثرية المحقة لوجب عليهم أن يتبعوا الأكثرية؛ لأنهم أقل الأمم وأقل الأديان، ولن يفعلوا أبداً، فإنك تجد اليهودي الواحد ضمن مائة مسلم أو أكثر، فتجده منذ طفولته وهو مستمسك بيهوديته، حتى لو أجبر على الإسلام أو داهن المسلمين فلا تثق به ولا تصدقه، فهو كافر العقيدة يهودي في باطنه لا يكاد يظهر لهم شيئاً، وهذا أمر رأيناه وعشنا في واقعه وعاش فيه سابقونا.
قال تعالى: ﴿وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ﴾ [الجاثية: ٢٦] فأكثر من في الأَرض من الأمم جميعها ومن الأقوام كلها سابقها ولاحقها لا يعلمون الحق، ولا يعلمون الصدق، ولا يعملون اليقين، ولا يؤمنون به ولا يؤمنون ببعث، ولا يؤمنون بحساب ولا عقاب.