تفسير قوله تعالى: (ومن قبله كتاب موسى إماماً ورحمة)
﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ﴾ [الأحقاف: ١٢].
فقوله: ﴿وَمِنْ قَبْلِهِ كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً﴾ [الأحقاف: ١٢] أي: من قبل القرآن أنزل الله تعالى كتابه التوراة على يهود، ومع ذلك كفر به الكثير، وأشرك بالله الكثير، وهؤلاء المشركون كذلك لم يبادروا إلى الإيمان بالله، والإيمان بأحقية هذا الكتاب، وأنه من الله.
فالمشركون هم أشباه اليهود في كفرهم وشركهم واليهود أصل الفساد في الأرض.
وهكذا في عصرنا كذلك، ما من كفر قديم ولا حديث إلا وأئمته وقادته وموجهوه هم اليهود عنصر الفساد في الأرض، الذين كان الحق لهم عدواً، وكان الإيمان لهم عدواًَ، وكانوا بذلك في غاية الضلال والشرك المبين.
قوله: ﴿كِتَابُ مُوسَى إِمَامًا وَرَحْمَةً﴾ [هود: ١٧]، كان إماماً لبني إسرائيل، ولكن أكثرهم كفروا به وعتوا عن أمر ربهم، وكفروا بنبيهم وبكتاب ربهم، وقد كان الكتاب الذي أنزل على موسى إماماً يؤمهم إلى الهدى والنور، ولو آمنوا به لرحمهم الله بما فيه.
﴿وَهَذَا كِتَابٌ مُصَدِّقٌ لِسَانًا عَرَبِيًّا﴾ [الأحقاف: ١٢]، وهذا كتاب جاء بعد كتاب موسى مصدق للكتب التي قبله، كالتوراة والإنجيل والزبور وصحائف إبراهيم، على أنها قد كانت يوماً حقاً، ولكن من أنزلت عليهم من أتباع الأنبياء بدلوا وغيروا وحرفوا، وأشركوا وعادوا للوثنية التي جاء الأنبياء للقضاء عليها.
وقوله: ﴿لِسَانًا عَرَبِيًّا﴾ [الأحقاف: ١٢] أي: فصيحاً بيناً، معجزاً واضحاً، يفهمه كل من يفهم العربية، ومن درس العربية يفهم منه أوامر الله ونواهيه.
قال: ﴿لِيُنْذِرَ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ﴾ [الأحقاف: ١٢].
أي: ليخوف الذين ظلموا وليهددهم وليعدهم بعذاب الله ولعنته وغضبه إن هم أصروا على الكفر وعلى الشرك.
قوله: ﴿وَبُشْرَى لِلْمُحْسِنِينَ﴾ [الأحقاف: ١٢] أي: هذا القرآن بشرى لمن أحسن ولمن آمن وقال: لا إله إلا الله محمد رسول الله، يبشره بالجنة وبرحمة الله ورضوانه.


الصفحة التالية
Icon