تفسير قوله تعالى: (أفلم يسيروا في الأرض فينظروا كيف كان عاقبة الذين من قبلهم)
قال تعالى: ﴿أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الأَرْضِ فَيَنظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا﴾ [محمد: ١٠].
يقول تعالى عن هؤلاء: أليست لهم أقدام يسيرون بها على الأرض، ويتجولون ويسيحون بها فيرون عاقبة الأمم والشعوب قبلهم ممن كفروا بالله، وخرجوا عن دينه، ويرون كيف دمر الله عليهم؟ يقال: دمره، ودمر عليه، والتدمير: الهلاك والاستئصال.
ففي الآية أمر للكفار بأن يضربوا في الأرض، وينظروا إلى آثار من مضى من الأمم الكافرة والشعوب الضالة، التي لا تزال آثارها في الأرض، ممن أغرقهم الله وأرسل عليهم زلازل، وريحاً عقيماً، وجعل أرضهم عاليها سافلها، وأخذتهم الصيحة، وكأنهم لم يغنوا بالأمس، فآثار هؤلاء لا تزال ماثلة للعيان، يراها كل من وصل لأرضهم ووقف على آثارهم فيتعظ بذلك، ويتأمل كيف فعل الله بهؤلاء الذين أرسل الله إليهم رسله عليهم الصلاة والسلام، فكذبوهم، وكذبوا كتبهم، وكيف دمر الله عليهم دورهم وقراهم وحضارتهم، فكأنهم لم يكونوا يوماً.
وقوله تعالى: ﴿دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا﴾ [محمد: ١٠] هذا مغزى الآية الذي لفت الله الأنظار إليه، أي: كذلك يفعل بأمثالهم من الكافرين الذين يأبون إلا الكفر والعصيان، وإلا الردة والاستمرار على الوثنية والشرك، فهؤلاء يوشك الله أن يعاملهم معاملة من سبقهم من الأمم التي كفرت كفرهم وأشركت شركهم.


الصفحة التالية
Icon