تفسير قوله تعالى: (أفمن كان على بينة من ربه)
قال تعالى: ﴿أَفَمَنْ كَانَ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ﴾ [محمد: ١٤].
يا رسول الله، يا محمد، يا أنصاره من الموحدين المؤمنين، اضربوا مقارنة ومثالاً: هل من آمن بالله على بينة من ربه، وآمن بكتاب الله، أصلح أم الذين زين لهم الشيطان سوء عملهم فظنوا أنهم على شيء وهم ليسوا على شيء؟ أهؤلاء خير أم أولئك؟ فكانت نتيجة من أبطل الله أعمالهم وأحبطها وقضى عليها، أن أعمالهم التي حفظوها لأنفسهم من صدقة وصلة رحم وعطف على مسكين ونحوها قد جعلها الله هباء منثوراً؛ لأنها أعمال لم يرد بها وجه الله، ولو أريد بها وجه الله لآمن أصحابها بالله وأطاعوه في أمره، واجتنبوا نهيه.
وقوله تعالى: ((وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ)) أي: جعلوا إلههم هواهم، واتبعوا ما تقوله لهم أهواؤهم من شهوات ونزوات وفسوق وعصيان، فلم يشرعوا إلا في الباطل، ولم يطيعوا الله يوماً، ولم يقولوا: رب اغفر لي خطيئتي يوم الدين، عاشوا أنعاماً دواب، وبقوا كذلك، إلههم هواهم، لا يحللون ولا يحرمون.
أفيمكن أن يسوى أولئك الدواب والأنعام بذاك المؤمن الذي آمن بالله إيماناً مبنياً على أدلة عقلية ونقلية، وعبد الله على يقين، ولم يتبع هوى، ولم يعش لا لبطن ولا فرج، كعيشة الدواب والهوام والأنعام؟