معنى قوله تعالى: (فرجعناك إلى أمك كي تقر عينها)
قال تعالى: ﴿فَرَجَعْنَاكَ إِلَى أُمِّكَ كَيْ تَقَرَّ عَيْنُهَا وَلا تَحْزَنَ﴾ [طه: ٤٠].
والحذف في القرآن يكون فيما يدل عليه السياق كما يقول إمام النحاة ابن مالك في الألفية: وحذف ما يعلم جائز.
ومعنى ذلك: أنها عرضت عليهم من ترضع فوصلت فأرضعته فاكتفوا، وكان بذلك قد رجع الولد إلى أمه فزال حزنها وزال غمها، وجمع الله الشمل في أسرع وقت.
قوله: ﴿وَلا تَحْزَنَ﴾ [طه: ٤٠].
أي: لا تحزن عليك، ولا تحزن كيف ستحفظك وتصونك وترضعك، ولو لم يكن الذي تم قد تم فستبقى خائفة من جواسيس فرعون أن يبلغوا عنها، فيرسل من يذبح الوليد.
وقد رزق الله أم موسى فأعاد إليها ولدها وأعطاها أجرتها على إرضاع ولدها فهي التي ترضعه وتأخذ أجرة على إرضاعها له.
قال تعالى: ﴿وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ﴾ [طه: ٤٠].
يذكر الله منَّه وإفضاله على موسى ليزداد شكراً لله، ويزداد عبادة لله، ويزداد طاعة لله، وهو يعدد عليه مننه وأياديه وإحسانه من مكالمته ونبوءته واستجابة دعوته في نبوءة أخيه وإنجائه من ذبح فرعون وعودته إلى أمه لترضعه، ثم قتل نفساً فاهتم وحزن وخاف من فرعون أن يقتله به، فقال: ﴿وَقَتَلْتَ نَفْسًا فَنَجَّيْنَاكَ مِنَ الْغَمِّ﴾ [طه: ٤٠].
بأن فررت بنفسك وذهبت إلى أرض مدين فقابلك شعيب وقال: لقد أمنت فلا حكم لفرعون هنا، وأزال خوفك وهلعك، وعدت من الفقر إلى الغنى، ومن الانفراد إلى الزواج، ومن كونك لا ولد لك إلى الولادة والذرية؛ كل ذلك قد أكرمك الله به.


الصفحة التالية
Icon