تفسير قوله تعالى: (إن يسألكموها فيحفكم تبخلوا ويخرج أضغانكم)
قال تعالى: ﴿إِنْ يَسْأَلْكُمُوهَا فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾ [محمد: ٣٧].
أي: إن يطلب منكم أموالكم جميعها زائدة على الزكاة (تبخلوا).
طلب الله الزكاة وهي شيء لا يكاد يذكر ومع ذلك تركوا الزكاة، ومنعوا الفقراء حقوقهم، فكان الجزاء من جنس العمل في الدنيا قبل الآخرة، ولعذاب الله أشد وأنكى، فسلط الله الحكومات تأخذ من الضرائب ما يتجاوز الأربعين أو الخمسين أو الستين في المائة بلا كرامة وبلا أجر ولا ثواب، وسلط الشيوعيين فأخذوا المال كله، ولم يتركوا لأحد إلا ما قل، جزاء وفاقاً، لمنعهم الزكاة وخروجهم عن أمر الله، امتنعوا أن يعطوا القليل؛ فسلط الله عليهم من يأخذ الكثير الكثير، بل ومن يأخذ الكل.
قوله: ﴿فَيُحْفِكُمْ﴾ [محمد: ٣٧] الإحفاء: الإلحاح في السؤال.
وقد علم الله حقيقة خلقه فلم يطلب منهم جميع مالهم.
قوله: ﴿فَيُحْفِكُمْ تَبْخَلُوا وَيُخْرِجْ أَضْغَانَكُمْ﴾ [محمد: ٣٧] أي: يكون ذلك سبباً لخروج الأضغان وإظهارها.
والأضغان جمع ضغن: وهو الحقد والعداوة.
وقد امتنعت طائفة من أداء الزكاة بعد موت النبي عليه الصلاة والسلام، وقالت: الزكاة أخت الجزية، وكنا نعطيها لرسول الله، أما لأحد بعده فلا، ولكن الخليفة الأول رضوان الله عليه وجد أن ركناً من أركان الإسلام الخمسة سيعطل، ويوشك أن تعطل بقية الأركان، وإذا به يعزم ويشد الرواحل ويرسل الصحابة كبارهم وصغارهم تحت قيادة خالد بن الوليد سيف الله، وقاتل الممتنعين من الزكاة، فانتصر، ونصر الله دينه، ومات من مات منهم على جريمته ومخالفته، وتاب من تاب الله عليه وعاد للطاعة والإيمان بالأركان كلها والعمل بها جميعاً.