ذكر من يوصف بالبغي
ولا يوصف بالبغي الكافر، وكثيراً ما يقال: إسرائيل باغية، والحق أنها مرتكبة أعظم من البغي، فإسرائيل كافرة لعينة أخت القردة والخنازير وعبد الطاغوت.
فالبغي إنما يوصف به المسلم، فالمسلم عندما يظلم أخاه ويقاتل أخاه يقال له: باغ، أما الكافر فيقال عنه: كافر أعلن الحرب على الله، وأعلنها على رسول الله، فيقاتل لكفره، ويقاتل لظلمه.
وأحكام البغاة أخذت من حروب علي بن أبي طالب كرم الله وجهه لما بغى عليه أهل الشام، وقاموا في وجهه وأنكروا خلافته، فكانوا بغاة، وقد قال عليه الصلاة والسلام في الحديث المتواتر الذي رواه أكثر من عشرة من الأصحاب: (ويح عمار! تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة ويدعونه إلى النار).
فالنبي يصف من قتل عماراً بالبغي، وقد قتله أهل الشام المتمردون على علي وخلافة علي، فكانوا البغاة، وكان جيش علي هو الداعي إلى الجنة وأولئك الدعاة إلى النار، وهم البغاة.
وحكم الله في الباغي عندما ينتصر عليه أن لا تؤخذ أمواله غنائم، ولا أولاده إماءً وعبيداً، ولا يجهز على جريح، ولا يلاحق مدبر، وإنما ذاك مع الكفار، فهم الذين تؤخذ أموالهم غنائم وأولادهم أرقاء وعبيداً إن شاء الحاكم والإمام ذلك، ورآه من مصلحة المسلمين، وأما البغاة فإنما يقاتلون ليخضعوا للحق وليخضعوا للعدل، فإن خضعوا واستسلموا رفع السيف عنهم، ثم يطالبون بعد ذلك بما أزهقوا من أرواح واستلبوا من أموال وهتكوا من حرمات، وهنا يقول الله جل جلاله: ﴿فَإِنْ فَاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا بِالْعَدْلِ وَأَقْسِطُوا﴾ [الحجرات: ٩]، أي: أصلحوا بين الفئتين المتقاتلتين العائدتين إلى الحق، واحكموا بينهما بالعدل بلا ظلم ولا حيف ولا انحياز لواحدة دون الأخرى.
قال تعالى: ﴿إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ﴾ [الحجرات: ٩]، وإذا أحب الله شيئاً أحب فاعله، وإذا كره الله شيئاً كان مرتكبه آثماً، وكان مرتكبه ظالماً.