معنى قوله تعالى: (بئس الاسم الفسوق بعد الإيمان)
قال تعالى: ﴿بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ﴾ [الحجرات: ١١].
فما أقبح أن ينتقل المرء من مؤمن إلى فاسق؛ لأن لمز أخيك المسلم، والهزء بأخيك المسلم يجعلك تكون فاسقاً، ولا يليق بمسلم أن يقبل مثل هذا اللقب.
فذاك جزاء من يفعل مثل هذا، ولما كانت الألقاب ليست بالأمر الهين كان الجزاء بها عقوبة قائلها بغير صدق، فلو قال إنسان: هذا زانٍ وكان الأمر كذلك فهو قد لقبه بما يستحق، وإن كان الأمر على غير ذلك فإنه يكون قاذفاً، وحد القذف أن يجلد صاحبه ثمانين جلدة، وهو كبيرة من الكبائر، ﴿وَلا تَنَابَزُوا بِالأَلْقَابِ بِئْسَ الاِسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الإِيمَانِ﴾ [الحجرات: ١١].
فما أقبح وأهون أن ينتقل المرء من الإيمان إلى الفسوق؛ لأنه ارتكب أفعال الفساق الخارجين عن العدل والحق، العصاة لله فيما به أمر، والعصاة لرسول الله ﷺ فيما به أمر، أو عنه نهى.
فالله تعالى ينفر المؤمن من هزئه بإخوانه المسلمين بأن يقول الناس عنه: إنه فاسق؛ لأنه هزأ بأخيه ولمزه وتنقصه.
قال تعالى: ﴿وَمَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ﴾ [الحجرات: ١١]، فهؤلاء الذين يفعلون ذلك وقد نهاهم الله عنه وأعلن شين ذلك وقبحه دعاهم ربهم إلى التوبة، فإن تابوا تاب الله عليهم وغفر ذنوبهم وكفر عنهم سيئاتهم، فإن لم يتوبوا فأولئك هم الظالمون.
ومن كان ظالماً استوجب عقوبة القاضي بالتأديب والتعزير وعقوبة الله باللعنة ودخول النار وتعذيبه بها جزاءً وفاقاً على ما آذى به أخاه المسلم وأنكر أخوته وأنكر حقه، والجزاء بحسب العمل.
فالله حكم عليه بالظلم إذا لم يتب، والظلم تترتب عليه عقوبات في الدنيا، وعقوبات في الآخرة، فعلى الحاكم أن يتولى عقوبة الظالم، وإن شاء الله تعالى بعد ذلك زاده عذاباً على عذاب، وإن تاب وأناب غفر الله وهو خير من يغفر وخير من يعفو جل جلاله.