تفسير قوله تعالى: (فتنازعوا أمرهم بينهم)
قال تعالى: ﴿فَتَنَازَعُوا أَمْرَهُمْ بَيْنَهُمْ وَأَسَرُّوا النَّجْوَى﴾ [طه: ٦٢].
بعد أن قال لهم موسى هذا الكلام تنازعوا فيها بينهم وتشاجروا وتخاصموا، وأسروا النجوى لكيلا يسمعها فرعون خوفاً منه، ولكيلا يسمعها الناس فيفرون، فقالوا في ما قالوه في النزاع: ليس هذا الذي قاله موسى بكلام ساحر، وما السحر إلا الكذب والشعوذة، فما باله يتكلم عن الكذب والافتراء على الله، ما هذه إلا نبرة نبي ودعوة نبي وليس ذلك بكلام مشعوذ ولا ساحر.
والنجوى اسم للمنجاة أو مصدر، والمعنى واحد، أي: تناجوا فيما بينهم سراً بحيث لا يسمعهم الناس وهم يتشاجرون ويتنازعون ويتخاصمون، يقول البعض: إن انتصر موسى كنا أتباعه وآمنا بدعوته.
وبعضهم يقول: لن ينتصر، ما هو إلا ساحر مثلنا، وكيف يمكن ذلك؟ فيقول آخرون: ليس الأمر كما تقولون، فليس من شأن الساحر أن يدعو إلى الله وينفر من الكذب عليه ويخوفكم من عذاب الله وسوء العاقبة.
وقد قيل: إن المناجاة التي كانت بينهم هي ما يقول الله في هذه الآية: ﴿قَالُوا إِنْ هَذَانِ لَسَاحِرَانِ﴾ [طه: ٦٣] وكأن الله قد كشف نجواهم.


الصفحة التالية
Icon