معنى قوله تعالى: (فاصبر على ما يقولون)
قال تعالى: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ وَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ قَبْلَ طُلُوعِ الشَّمْسِ وَقَبْلَ غُرُوبِهَا وَمِنْ آنَاءِ اللَّيْلِ فَسَبِّحْ وَأَطْرَافَ النَّهَارِ لَعَلَّكَ تَرْضَى﴾ [طه: ١٣٠].
هذه الآية من الآيات التي جمعت الأمر والحث على الصلوات الخمس في كتاب الله.
قوله: ﴿فَاصْبِرْ عَلَى مَا يَقُولُونَ﴾ [طه: ١٣٠]: الله جل جلاله يسلي نبيه عليه الصلاة والسلام ويدعوه للصبر على ما يسمع من قول الكافرين عنه إنه ساحر وكاذب وشاعر ومجنون؛ وحاشاه من كل ذلك، ولكنهم يرون وجوههم وأنفسهم في المرآة فيرون بذلك صورة الرسول ﷺ ولا يصفونه إلا بصفاتهم القائمة فيهم، فدعاه الله جل جلاله للصبر، وكان هذا قبل الإذن بالقتال.
ولا ننسى ونحن في خواتم السورة أن سورة طه مكية، وفي مكة لم يشرع القتال، فلم يكن إلا دعوته للصبر والتحمل إلى أن يبلغ دين الله ولو إلى جماعة، ولكن الواحد من هذه الجماعة كألف، والألف كمليون.
وهكذا ثبت الإسلام عقيدة ونظاماً وحكماً وحلالاً وحراماً، ثبت بأصوله وفروعه عند المهاجرين في مكة، وما كادوا يذهبون إلى المدينة حتى وجدوا الأنصار قد سبقوهم بنصرة رسول الله بالقوة والسيف قبل اللسان، وأعدوا له المقام لينصروه بما ينصرون به أنفسهم وأهلهم وأموالهم وأولادهم، وأن يبذلوا الحياة والأرواح رخيصة في سبيله.
وأما مكة فكان يدعوه الله إلى الصبر؛ ولذلك صبر على الأذى وعلى الشتائم وعلى الهجران، وكان بدوره عليه الصلاة والسلام يمر على أصحابه مثل عمار بن ياسر وأبيه ياسر وأمه سمية وهم يعذبون العذاب النكر، فلا يزيد على أن يقول لهم: (صبراً آل ياسر فإن موعدكم الجنة).
وما أذن بالقتال إلا في المدينة إذ نزل قوله تعالى: ﴿أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ﴾ [الحج: ٣٩]، إلى آخر الآيات.