تفسير قوله تعالى: (قل كل متربص)
قال تعالى: ﴿قُلْ كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا فَسَتَعْلَمُونَ مَنْ أَصْحَابُ الصِّرَاطِ السَّوِيِّ وَمَنِ اهْتَدَى﴾ [طه: ١٣٥].
تبرص الكفار برسول الله الموت، وقد كانوا ينتظرون ذلك ويشتهونه ويتمنونه، ويتربصون أن ينتصروا عليه، فقال تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم: قل لهم: ﴿كُلٌّ مُتَرَبِّصٌ فَتَرَبَّصُوا﴾ [طه: ١٣٥].
أي: كل منتظر فانتظروا، أي: كل مؤمن وكافر وكل فئة وطائفة متربصة بالأخرى ومنتظرة النتيجة.
والتنوين في (كل) هو تنوين العوض، فهو عوض عن كلمة، وقد يكون عوضاً عن جملة.
وهذا تهديد من الله ووعيد، فيقول لهم: تربصوا وانتظروا فستعلمون يوم العرض على الله من الذي تربص بالآخر؟ ومن منكم على الصراط المستقيم والحق الواضح الذي ليس فيه طرق ملتوية، وليس فيه عقد وليس فيه أباطيل ولا أضاليل، فهو على المحجة البيضاء كما قال النبي عليه الصلاة والسلام: (تركتكم على المحجة البيضاء ليلها كنهارها لا يضل عنها إلا هالك).
والصراط السوي هو الصراط المستقيم والطريق النير الواضح البين، أي: وستعلمون يا هؤلاء المشركون! من الذي على الصراط المستقيم أنحن أم أنتم؟ ومن الذي اهتدى للحق وظفر به؟ ومن سيفوز بالرضا والجنة يوم القيامة؟ ومن الذي سيعود بالخزي واللعنة والنار؟ وذاك تهديد من الله ووعيد.
وفي آخر هذه الآية من سورة طه نكون قد ختمنا من القرآن الكريم ستة عشر جزءاً، وتجاوزنا النصف بجزء.
والحمد لله من قبل ومن بعد، والمرجو من الله جل جلاله كما أعاننا على هذا في سبع سنوات مضت أن يعيننا على إتمامه في حياة طيبة وصحة كاملة للسامع والقائل، وللداعية والمدعو معاً، وأعظم شيء يكرم الله به الإنسان أن يتدارس كتاب الله، ولا مجلس أشرف من ذلك، خاصة إذا كان هذا التدارس في بيت الله الحرام منزل الوحي الأول، ومسقط رأس الرسول عليه الصلاة والسلام وتجاه الكعبة المشرفة.


الصفحة التالية
Icon