تفسير قوله تعالى: (وما أرسلنا من قبلك من رسول إلا نوحي إليه أنه لا إله إلا أنا فاعبدون)
قال تعالى: وفي فضل نبينا عليه الصلاة والسلام: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥].
ليست هذه الرسالة التي كلفت بها بدعاً من الرسل، ولم تأتِ وحدك بين الأنبياء والرسل تدعو إلى عبادة الله وحده، وإلى توحيد الله، وأنه لا شريك له، ولا معين ولا مساعد، بل انفرد بالخلق، وبإيجاد الحق، لا يحتاج أحداً بل الكل محتاج إليه.
﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ﴾ [الأنبياء: ٢٥] (من) لتعريف النكرة، أي: جميع الرسل المرسلة قبلك يا محمد.
لم نوحِ إليهم إلا أن الله واحد: ﴿إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥] لم يوحَ لرسول قبلك، ولم نرسله إلى بشر إلا ليوحدوا الله، فلا ثاني معه، هو الله المتفرد بالخلق والزرق والإيجاد، المدبر للخلائق، المحيي المميت، بيده كل شيء، وهو على كل شيء قدير، فجميع الرسالات السابقة التي أتى بها أبونا آدم ومن بعده من إدريس ونوح وإبراهيم أبي الأنبياء ومن سلالة إسماعيل وإسحاق إلى آخر أنبياء بني إسرائيل عيسى، وإلى آخر الأنبياء والرسل جميعاً سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم، كل هؤلاء ما أرسلوا وما أوحي إليهم إلا بعبادة الله وحده، وبالدعوة له، بلا شريك ولا معين، وكل ما زعمه اليهود من عبادة عزير وأنه من أبناء الله، وكل ما زعمه النصارى من عبادة مريم وعيسى، كل ذلك هراء وافتراء، وكذب على الله، وكذب على رسله.
لم يرسل الله أحداً من رسله منذ الأول إلى الأخير إلا بأن الله واحد، وبعبادة الله وترك ما سواه من الأوثان والأصنام والشركاء، سواء كانوا ملائكة أو جناً أو بشراً، أو كانوا غير ذلك من أي شيء اخترعه المشرك: ﴿وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٢٥].