تفسير قوله تعالى: (إن هذه أمتكم أمة واحدة)
قال تعالى بعد أن سرد أسماء هؤلاء جميعاً في نسق واحد: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٩٢].
أي: إن الدين واحد والشريعة واحدة، والدعوة واحدة أتى بها الرسل والأنبياء عن الله منذ آدم إلى إدريس إلى نوح إلى إبراهيم إلى سلالته إلى نبينا عليه الصلاة والسلام، كانت الدعوة واحدة: أن اعبدوا الله ولا تشركوا به شيئاً، وأن قولوا جميعاً: لا إله إلا الله، ومن هنا كان يقول لنا نبينا صلوات الله وسلامه عليه: (أفضل ما قلته أنا والنبيون قبلي: لا إله إلا الله).
وكان يقول عليه الصلاة والسلام: (نحن معاشر الأنبياء أبناء لعلات، أمهاتنا شتى، وأبونا واحد) أي: شرائعنا مختلفة، قال تعالى: ﴿لِكُلٍّ جَعَلْنَا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَمِنْهَاجًا﴾ [المائدة: ٤٨].
أما الدعوة فكلهم أرسلهم الله للدعوة إلى عبادته، وتوحيده، وعدم الشرك به، ولم يخرج عن ذلك أحد؛ فإن وجدنا في التوراة والزبور والإنجيل غير ذلك فذلك مما حرفه الأفّاكون والكذّابون والمفترون على الله، فقد افتروا على ربهم، ونسبوا له الشريك، تارة بشراً، وتارة جناً، وتارة ملكاً، وتارة جماداً، وكل ذلك ليس عليه من الله سلطان ولا دليل من عقل.
قوله: ﴿إِنَّ هَذِهِ أُمَّتُكُمْ أُمَّةً وَاحِدَةً﴾ [الأنبياء: ٩٢] قيل: النصب على قطع الكلام.
والمعنى: إن الأمة والديانة والشريعة والدعوة واحدة منذ أول الأنبياء إلى آخرهم عليهم جميعاً سلام الله وصلاته، لم تتغير ولم تتبدل من قبل الله جل جلاله.
قوله: ﴿وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٩٢] أولئك الرسل أرسلهم الله جل جلاله بعبادته وحده، وبعدم الشرك به، فكان الكل ديناً واحداً، ورسالة واحدة، ودعوة واحدة.
قوله: ﴿وَأَنَا رَبُّكُمْ فَاعْبُدُونِ﴾ [الأنبياء: ٩٢] الله أمرنا بعبادته وتوحيده، وأمرنا بمحض العبادة له، ولا نشرك به شيئاً.