تفسير قوله تعالى: (إن الذين سبقت لهم منا الحسنى)
قال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى أُوْلَئِكَ عَنْهَا مُبْعَدُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠١].
يقرن الله جل جلاله في كتابه بين العذاب والرحمة، بين النار والجنة، بين المغفرة والعذاب؛ لتبقى النفس البشرية ترجو رحمة الله إن هي تابت وأنابت، وتخاف عذابه إن هي تمردت وأبت وعصت.
ففي الآيات الماضية الوعيد والتهديد، وما يلاقيه المشركون من عذاب الله ولعنته، وهنا في الآية الآتية بشر الله المؤمنين الموحدين بنعيم مقيم ورحمة دائمة، فقال تعالى: ﴿إِنَّ الَّذِينَ سَبَقَتْ لَهُمْ مِنَّا الْحُسْنَى﴾ [الأنبياء: ١٠١]، أي: سبق لهم من الله تعالى الرضا والرحمة والحسنى نتيجة إحسانهم: ﴿هَلْ جَزَاءُ الإِحْسَانِ إِلَّا الإِحْسَانُ﴾ [الرحمن: ٦٠].
المؤمنون الموحدون الذين سبق في علم الله في الأزل أنهم سيكونون مطيعين ومؤمنين، ومستجيبين لدعوات الرسل ولأمر الله ورسوله، هؤلاء يبعدون عن النار بعد السماء عن الأرض.
﴿لا يَسْمَعُونَ حَسِيسَهَا﴾ [الأنبياء: ١٠٢].
أي: ولا حركتها، ولا لهبها، ولا قرقعة نارها، وهكذا الله جل جلاله يقرن رحمته بعذابه؛ ليرجو المؤمن ويخاف التائب، ويوعد ويهدد المذنب عله يئوب ويعود إلى التوبة، فيغفر الله له ويكرمه برحمته وجنانه.