تفسير قوله تعالى: (قل إنما يوحى إلي أنما إلهكم إله واحد)
قال تعالى: ﴿قُلْ إِنَّمَا يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلَهُكُمْ إِلَهٌ وَاحِدٌ فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٨].
يقول نبينا للناس: ما أوحي إلي من الله، وما أمرت عن الله إلا بدعوتكم للتوحيد، ولدعوتكم بأن الله واحد، وأنه الرازق الخالق المعبود لا شريك له، ولا يحتاج إلى معين ولا مساعد ولا مؤازر، ولا يحتاج إلى ولد، ولا إلى صاحبة، فهو جل وعلا غني عن كل ذلك: ﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ﴾ [فاطر: ١٥]، أي: الغنى المطلق، ونحن فقراء فقراً مطلقاً.
قوله: ﴿قُلْ إِنَّمَا﴾ [الأنبياء: ١٠٨]، أي: قل: يا محمد ((إنما)): أداة حصر، أي: حصرت رسالتي في الدعوة إلى التوحيد، وما سواه فهو تبع له، فإذا فسدت العقيدة ضاعت العبادة، وأصبح ذلك هباءً منثوراً.
و (يوحى) فيه معنى الاستمرار، فهو فعل مضارع دال على الحال والاستقبال، أي: مدة حياة رسول الله عليه الصلاة والسلام، يوحى إليه بمختلف السور والآيات، والسنة القولية والفعلية والإقرارية قال تعالى: ﴿وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى * إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى﴾ [النجم: ٣ - ٤].
فالنبي ﷺ معصوم عن الزلل والخطأ، وكل عمله إما وحي بالنص -باللفظ- ككتاب الله القرآن الكريم، أو وحي بالمعنى ويتصرف رسول الله عليه الصلاة والسلام في إبلاغه.
قال تعالى: ﴿فَهَلْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾ [الأنبياء: ١٠٨]، أي: فهل ستسلمون؟ وهذا استفهام تقريري، يقرر ألا مندوحة ولا منجى عن الإسلام، الإسلام أو الطوفان، الإسلام أو جهنم، ولا وسط، وسيبقى المسلمون ضائعين ضالين تائهين يتلاعب بهم الكفار كتلاعب الصبية بالكرة ما لم يعودوا إلى كتاب الله وإلى هدي نبيه عليه الصلاة والسلام، لا يفيدنا مال ولا قوة ولا وحدة ما لم تكن الوحدة أولاً بالله، وبالدعوة إلى الله الواحد، وطاعته في كتابه، وطاعة نبيه في سنته.
قوله: ((فهل أنتم مسلمون))، أي: فهل أنتم مستسلمون مطيعون لهذه الدعوة ولتوحيد الله، ولقبول الرسالة، ولقبول القرآن الكريم، ولقبول السنة المطهرة.


الصفحة التالية
Icon