تفسير قوله تعالى: (قال رب احكم بالحق)
قال تعالى: ﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ ؟بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: ١١٢].
الذي قال هو نبينا عليه الصلاة والسلام، وحكى عنه الله ذلك، كما قال الأنبياء قبله: ﴿رَبَّنَا افْتَحْ بَيْنَنَا وَبَيْنَ قَوْمِنَا بِالْحَقِّ وَأَنْتَ خَيْرُ الْفَاتِحِينَ﴾ [الأعراف: ٨٩]، وقرئ في القراءت السبع: ((قل)) وهل يحكم الله إلا بالحق، ولكنها بيان حقيقة وواقع، والله هو الذي أمر بذلك.
قوله: ﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ﴾ [الأنبياء: ١١٢] وقرئ: ((قل رب احكم بالحق))، والحق هنا ليس مقابل الباطل، وإنما المعنى: قل رب احكم بعذابك الحق على هؤلاء الذين طالما تمردوا، وعصوا، وطالما كفروا وتألبوا على المسلمين وعلى أنبيائهم، وعلى العابدين المؤمنين.
قوله: ﴿وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: ١١٢]، ومع ذلك يبقى الله الرحيم حتى في وقت إيعاده وإنذاره، وذكر الرحمن هنا ولم يذكر الجبار ولا المنتقم.
قوله: ((وربنا الرحمن))، أي: إشارة إلى تطميع الكافر نفسه برحمة الله؛ ولذلك قال نبينا عليه الصلاة والسلام: (لو يعلم الكافر ما عند الله من رحمته لطمع في جنته، ولم ييئس منها)، وهكذا! فالكافر مهما كان إذا علم الله في قلبه خيراً هداه للإيمان والإسلام يجب ما قبله، وقال: ﴿قَالَ رَبِّ احْكُمْ بِالْحَقِّ وَرَبُّنَا الرَّحْمَنُ الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: ١١٢]، أي: ربنا الرحيم بعباده، والرحمان لهم، والغافر لذنوبهم، والمنذر لهم، والموعد لهم، والمكرم لهم بأنبيائه ورسله، علهم يوماً ويعودون إليه فيقولون: ربي الله.
﴿الْمُسْتَعَانُ عَلَى مَا تَصِفُونَ﴾ [الأنبياء: ١١٢].
أي: الذي يستعان به، ويستعين رسول الله بقدرته، وقد وصف الكفار الله تعالى بأن له صاحبة، وأن له شريكاً، وقال الكفار عموماً: له شريك وصاحبة وولد يحتاج إلى من يعينه، تعالى الله عن كل ذلك علواً كبيراً! كما قالوا عن نبي الله: كاذب، وقالوا: ساحر، وقالوا: مجنون، حاشاه من كل ذلك عليه الصلاة والسلام.
وبهذا نختم اليوم ولله الحمد سورة الأنبياء، ونستقبل غداً بمشيئة الله سورة الحج.