تفسير قوله تعالى: (والذين هاجروا في سبيل الله ثم قتلوا أو ماتوا)
قال الله تعالى: ﴿وَالَّذِينَ هَاجَرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ ثُمَّ قُتِلُوا أَوْ مَاتُوا لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا وَإِنَّ اللَّهَ لَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ﴾ [الحج: ٥٨].
هذه الآية الكريمة نزلت في الهجرة في سبيل الله، أي: فيمن هجر الأهل والأوطان والأموال ثم انقطع في هجرته فقتل مجاهداً ومحارباً أو مات حتف أنفه كل ذلك سواء، فمن كان هذا حاله فإن الله يرزقه.
قال تعالى: ﴿لَيَرْزُقَنَّهُمُ اللَّهُ رِزْقًا حَسَنًا﴾ [الحج: ٥٨] اللام موطئة للقسم، فالله جل جلاله يقسم بذاته العلية، ويؤكد ذلك بلام القسم وبالنون الثقيلة: بأن هؤلاء الذين هاجروا في سبيل الله فقتلوا وهم مهاجرون أو ماتوا حتف أنوفهم ميتة عادية، فالله يرزقهم الرزق الحسن، والرزق الحسن هو رزق الآخرة، رزق الجنة، وهو الرزق الدائم منذ قتلهم وموتهم إلى أن يبعثوا وإلى أن يدخلوا الجنة، كما قال تعالى: ﴿وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ﴾ [آل عمران: ١٦٩] فهم يرزقون رزقاً الله أعلم بحاله، ترزق أرواحهم ونفوسهم الرزق الحسن الدائم الطيب، الذي فيه ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين، كما وصف الله جلا جلاله نعيم الآخرة.