تفسير قوله تعالى: (فمن ابتغى وراء ذلك فأولئك هم العادون)
قال تعالى: ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: ٧].
فمن أراد ألا يحفظ فرجه، وأن يكشف فرجه، وأن يأتي فروج غير الزوجات وغير الإماء المملوكات له، فإنه يعتبر عادياً معتدياً ظالماً فاسقاً مرتكباً للحرام، وعلى فاعل ذلك ما قص الله في كتابه وما شرحه نبيه في سنته: ﴿الزَّانِيَةُ وَالزَّانِي فَاجْلِدُوا كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِائَةَ جَلْدَةٍ﴾ [النور: ٢]، وورد ما نسخ لفظه وبقي معناه: (الشيخ والشيخة إذا زنيا فارجموهما البتة)، (الشيخ والشيخة) قال الإمام مالك: المحصن والمحصنة، المتزوج والمتزوجة، إذا هما زنيا فليرجما، فقد كانت هذه التي تلوتها الآن آية، فنسخ لفظها وبقي معناها.
والمنسوخ في القرآن أنواع: فمنه ما نسخ لفظه ومعناه، ومنه ما نسخ معناه وبقي لفظه، ومنه ما نسخ لفظه وبقي معناه كهذا الذي قلته، وأكد هذا نطق رسول الله ﷺ برجم المحصن فيما تواتر عنه، ورجمه للمحصنات والمحصنين وهم مجموعة من النساء والرجال من المسلمين وأهل الكتاب، ورجم أبو بكر ورجم عمر ورجم عثمان ورجم علي، وقد قال صلى الله عليه وسلم: (عليكم بسنتي وسنة الخلفاء الراشدين من بعدي، عضوا عليها بالنواجذ)، فهي شريعة بالكتاب وبالنطق النبوي وبالعمل النبوي وبعمل الخلفاء الراشدين، وما أنكر ذلك إلا الضالون المبتدعون.
﴿فَمَنِ ابْتَغَى﴾ [المؤمنون: ٧] أي: فمن أراد ابتغاء، فهذه لغة حجازية: أبغي وما أبغي، ﴿فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاءَ ذَلِكَ﴾ [المؤمنون: ٧] أي: فمن أراد ما زاد على ذلك مما ليس بزوجة ولا أمة ﴿فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ﴾ [المؤمنون: ٧] من عدا يعدو إذا ظلم واعتدى، فأولئك هم الظالمون المعتدون المرتكبون في فعلهم الحرام الذي استوجبوا به الحد، فحد العزب الجلد ونفي عام، وحد المحصن الرجم حتى الموت.


الصفحة التالية
Icon