تفسير قوله تعالى: (وشجرة تخرج من طور سيناء)
قال الله تعالى: ﴿وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ﴾ [المؤمنون: ٢٠].
هي شجرة الزيتون، والطور: هو الجبل، وهو طور سيناء الذي في أرض مصر، رده الله للمسلمين مع العزة والكرامة بلا ذل ولا هوان.
((تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ)) قيل: الباء صلة، أي: تنبت الدهن، ودهن شجرة الزيتون هو الزيت، وقد قال ﷺ عن الزيت: (كلوه وادهنوا به)، وهي الشجرة المباركة التي ليست بشرقية ولا غربية، بمعنى: أن الله أنبتها في مشارق الأرض ومغاربها فلا أحد يستطيع أن يقول: هذا زيت المشرق بمعنى أنه لا وجود له في المغرب، أو هذا زيت المغرب بمعنى أنه لا وجود له في المشرق، فهو في كل الديار وفي كل الأرض إلا في الصحاري؛ لقلة الماء، وحتى هنا قال خبراء الزراعة: يمكن أن تنبت شجرة الزيتون وتعطي الخيرات وتعطي شيئاً لا يكاد يخطر ببال.
((وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ)) سيناء: هو الشجر الملتف، والطور الجبل، فالطور هو الجبل، وسيناء تلك الجهة المخصبة التي فيها الأشجار الملتفة والكثيرة.
((وَشَجَرَةً تَخْرُجُ)) أي: تنبت وتستزرع وتستنبت وتخرج من طور سيناء، ((تَنْبُتُ بِالدُّهْنِ)) أو تُنِبت الدهن، أي: تعطي الدهن، والدهن هو الزيت.
((وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ)) الصبغ: هو الإدام، والإدام هو ما يؤتدم به مع الخبز، وسمي صبغاً لكون الخبز عندما تضعه في الإدام يتغير بتغيره ويصطبغ بشكله، والنبي عليه الصلاة والسلام قال: (ائتدموا، نعم الإدام الخل)، فجعل الخل إداماً، وجعل الزيت إداماً، فالإدام هو ما يؤكل مع الخبز.
وهذه الشجرة فيها من الدهن ما نحتاج إليه لقوام البدن، ولتمام تغذيته، والزيت أشرف شيء للإنسان، وإن كان لا يستغني كذلك عن دهن الحيوانات.
((وَشَجَرَةً تَخْرُجُ مِنْ طُورِ سَيْنَاءَ)) سِيناء فيها قراءتان: بفتح أولها وكسره، (تنبت بالدهن)، إما أن يكون معناها: تنبت مع الدهن، وفسروا الباء بمع، أو الباء صلة، أي: تبنت الدهن، أي: يستخرج منها الزيت، ((وَصِبْغٍ لِلآكِلِينَ)) أي: إدام للآكلين، فيجعل مع الخبز إداماً، ويختلط باللحم بأنواعه، ويختلط بالخضر بأنواعها، فهو إدام يؤتدم به مع الخبز.
وبعد أن ذكر الفواكه والحبوب التي تستنبت من الأرض، والزيت والزيتون عقب بذكر الأنعام.


الصفحة التالية
Icon