تفسير قوله تعالى: (ولقد أرسلنا نوحاً إلى قومه)
قال الله تعالى: ﴿وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ فَقَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ﴾ [المؤمنون: ٢٣].
سيقص الله علينا قصة نوح مع قومه، وقد مضت معنا مرات، وفي كل مرة يذكر الله فيها زيادة حكمة، وزيادة فائدة، وزيادة درس وعبرة، وزيادة آية ومعجزة.
فقد أرسل الله نوحاً إلى البشر وأمره بأن يدعوهم إلى عبادته وتوحيده والإيمان به، فاستجاب نوح، وقال: ((يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ))، فالله خلق الناس يوم خلقهم مؤمنين، فخلق آدم وجعله نبياً لأولاده وسلالته وذريته، وخلقنا مؤمنين، وأنزل أبانا آدم من الجنة إلى الأرض، وتركنا وأعطانا من الإلهام لنزرع ونبحث ونقوم بما يحتاج إليه الإنسان على وجه الأرض، وانتقل آدم من الراحة والنعيم إلى أن أصبح مزارعاً إلى أن أصبح كساراً يبني في داخل الجبال البيت؛ ليفر من الدواب والهوام، ويزرع الأرض ويستزرعها بالحبوب والفاكهة ليعيش، وهكذا مع الأيام عاش الناس مؤمنين، ومضت ألف سنة فيما زعموا ولا نستطيع البت في ذلك، فليس هناك نص في القرآن ولا نص عن نبي الله عليه الصلاة والسلام، وكل الذي نقوله هو الذي قاله القرآن، فأرسل الله نبيه نوحاً فلبث في قومه يدعوهم ألف سنة إلا خمسين عاماً، وكم كان سنه؟ لنفرض أنه كان سنه خمسين فقط، فيكون قد أقام فيهم ألف سنة، وبعد قرون نسوا الإيمان والتوحيد، وأخذوا يعبدون غير الله مشركين معه وداً وسواعاً ويغوث.