تفسير قوله تعالى: (أفحسبتم أنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا ترجعون)
﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون: ١١٥].
أي: يا هؤلاء! أكنتم تظنون وأنتم قد خلقناكم ورزقناكم وأكرمناكم بالبصر وبالحواس وبالقدرة وبالشم وباللمس، ورزقناكم من أنواع الطيبات، وأنواع الزوجات، وأنواع الأولاد، وأنواع الخدم، أكنتم تظنون أن كل هذا خلقناه عبثاً لاعبين؟ أتتصورون هذا عن ربكم؟ أخطر هذا ببالكم حتى جعلتم دنياكم كلها عبثاً ولعباً وسخرية بالموحدين المؤمنين الصالحين؟! ﴿أَفَحَسِبْتُمْ﴾ [المؤمنون: ١١٥] هذا استفهام إنكاري توبيخي تقريعي، فيوبخهم الله ويقرعهم، ﴿أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا﴾ [المؤمنون: ١١٥] أي: لعباً، ﴿وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ﴾ [المؤمنون: ١١٥] أظننتم أننا خلقناكم ورزقناكم ومع ذلك نترككم سداً ونترككم هباً لا مسئولية ولا حساب ولا بعث ولا نشور؟! ألم تنصحكم أنبياؤكم وتذكر لكم الكتب المنزلة عليكم، ويعلمكم ويفهمكم ورثة أنبيائكم ويدلوكم على الخير ويحذروكم الشر؟ أكل هذا قد نسيتموه وتركتموه وظننتم أن الحياة عبث، وأننا خلقناكم سداً وخلقناكم لاعبين؟ هيهات إنما هو ظنكم أرداكم وأهلككم وأوقعكم في هذه المهالك، فأنفسكم فلوموا وأنفسكم فذموا.


الصفحة التالية
Icon